أفلا يعتبر المشركون بتلك الحالات إذ يرون نفوسهم تفر إلى مولى واحد لا تنزل حاجتها إلا بساحة رحمته ولا ترى نجاحها إلا منه.
فما الذي أغفلهم عن ذكر ذلك والتبصر به في جميع الأحوال.
أفلا ينظرون إلى من تلتجئ نفوسهم عند شدائد الاضطرار (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض) (1) في طبقات خلقكم وفنائكم تتعاقبون خلفا بعد سلف تقعدون مقاعد الماضين وتتمتعون بأموالهم التي كدوا فيها ومنازلهم التي تعبوا في عماراتها ورياساتهم التي اغتروا بها (إله مع الله) (1) ولو أحسنتم التذكر والتبصر في جميع أوقاتكم بحالات نفوسكم عند اضطراراتها ونجاح التجائها رغما على الأسباب العادية وصدق عرفانها بمولاها في تلك الأحوال التي تتخلص فيها النفوس من أسر الأهواء وتتوجه بحرية فطرتها إلى الله لما اختلجت في عرفانكم الشكوك ولا طمعت فيكم غواية الأهواء وأوهام الشرك ولكنكم (قليلا ما تذكرون * أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر) (2) بدلالة الكواكب التي خلقها (ومن يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته) (2) يسخر بها السحاب ليغيثكم برحمة مطره أفلستم تعرفون الله (أإله مع الله تعالى الله عما يشركون) (2) وتقدس بوجوب وجوده وكماله الإلهي.
ويا أيها الذين يؤمنون بالمعاد والقيامة بعد الموت (أمن يبرأ الخلق) (3) كما ترون حدوث الكائنات في الخلق طبقة طبقة وفنائها طبقة طبقة (ثم يعيده) (3) في أنواع الكائنات على أحسن تماثل وأتم تناسب في طبقاتها ومواليدها ويعيدها في أشخاص الانسان من بعد الموت كما تعترفون به وتنسبون الخلق إلى الله واجب الوجود (ومن يرزقكم من السماء والأرض) (3) ما به قوام حيوتكم (أإله مع الله) (3) الذي تعرفونه