الثناء على صنعه لهذا المنظر البهيج الدال على قدرته وعلمه.
يا صاحبي فأين أنت عن النظر في عجائب هذا العالم وإتقان غاياته وجمال حكمته الفائقة ونظامه الباهر. وما ذكرنا لك من ذلك إلا قطرة من بحر وقليلا من كثير.
فكيف تسمح بذلك كله لطبيعة فاقدة الشعور. ما هي الطبيعة؟
هل هي الفرد أو النوع أو الجنس؟ هل لها وجود غير موجودات العالم؟
أم ليست هي إلا انتزاع وهمي ينتزعها العقل ويفترضها من تماثل الموجودات؟ يا صاحبي هذه الآلات الصوانية التي ذكرناها صحيفة 57 والمدنية التي ذكرنا مثلها صحيفة 106 إنها تقصر ولا تقاس بنظام خلقة الحيوان فضلا عن غيره. وأراك وجميع الناس لا تسمحون بأن تكون من صنع الطبيعة العديمة الشعور وقلته الصدفة.
فكيف تسمحون بأن هذا العالم العظيم العجيب وغاياته الشريفة المنتظمة في دهوره ومواليده كله يكون بصدفة الطبيعة البكماء.
ما أعجب حالك وحال أصحابك مع طبيعتكم، فتارة تستحقرونها ويأتي وجدانكم أن تسمحوا بأن تنسبوا إلى صدفتها واحدا حقيرا مما ذكرناه من الآلات الصوانية ومثال المدينة والمغارة. وتارة تفرضون لها وجودا أصيلا وتسمحون لصدفتها بما لا يحصى من عظائم العالم في دهوره ومواليده.
أين وجدانكم الذي تحكمون به في أمر القطع الصوانية ومثال المدينة والمغارة؟ ما أقوى يد تغمض عيون الوجدان في شأن العالم وصنعه!! أي يد مبرقعة هذه؟ ماذا يعينها وبأي نشاط تعمل أعمالها. ما أعجب هذه اليد المبرقعة، قد شابكت يد العلم فلوتها، وغطت على عين الوجدان فأسقطت حسها، لم يكن في الحسبان أن بذر أبيقورس للاستراحة الشهوانية ينمو هذا النمو في الأذهان مهما دملتها الأهواء بشهوانيتها.
لا إخال لسانك يستطيع أن تقول كما يقوله بعض الشهوانيين