وأعجب من ذلك أن المد والجزر السائدين على عموم البحار لا سيادة لهما على البحر الأبيض المتوسط بحر الروم الممتد من بوغاز جبل طارق إلى بوغاز القسطنطينية.
ولا على البحر الأسود الممتد من فوق باطوم إلى الباسفور.
ولا على البحر البالتيك مما بين فرنسة وكرينلاندا إلى سويدن وفينلند مع اتصال هذه الأبحر الثلاثة بالمحيط بل إن البالتيك لا يمتاز عن المحيط الاتلنتيك بمضيق وبوغاز يحده.
أفلا تعجب من البحر الأبيض المتوسط إذ يجري فيه تيار كبير من بوغاز جبل طارق على الدوام ويجري إليه البوسفور من البحر الأسود ومع ذلك لا تجد لمائه زيادة. فهل أنت تقول كغيرك إن ما يجري فيه يخسر مثله بالتبخير. أفلا تدري أن جاره البحر الأسود يفند هذه المزاعم ويوبخها بالنقد إذ يقول بلسان حاله أنا جاره وتبخيري مثل تبخيره وأمطار مياهي مثل أمطاره ولا مدد لي من تيار ونحوه بل إني دائم الجريان على البحر الأبيض فماذا يجبر خسراني؟!!
هل ظهر علي النقص؟ إن فوق أوهامكم تدبيرا. ووراء الطبيعة البكماء حكمة.
وانظر إلى بحر الاتلنتيك وهو ما كان غربيه أمريكا وشرقيه أورپا وإفريقيا وربما يبلغ عرضه أربعة آلاف ميل.
وانظر إلى استقامة الرياح فيه ولزومها لمهب مستقيم. فهو فيما بين الدرجة الثلاثين من العرض الشمالي ومثلها من الجنوبي تكون رياحه مشخصة معلومة. ففي شمالي خط الاستواء لكون ما بين الشمالي والمشرق، وفي جنوبيه ما بين الجنوب والمشرق، وفيما يقرب من خط الاستواء تكون من المشرق.
وانظر إلى المحيط الباسفيك وهو المحيط الحليم الهادي وهو ما تكون أمريكا في شرقه وآسيا واستراليا في غربه. ويمتد من نحو