فلولا القرنية الدالة من العقل على أن التابع لا يلي أمر المتبوع لدلت على ولاية الأمر لكن القرنية صارفة عنه وهي دليل متبع، ومع هذا كله فإن خروج أولى في الآية عن معنى الأحقية إلى معنى المتابعة غير مسلم لأنه على قولهم بمعنى إن أتبع الناس لإبراهيم للذين اتبعوه وهذا ممتنع من جهة أن اسم التفضيل يدل على المشاركة والزيادة ومن لم يتبع إبراهيم لم يشارك متبعيه في متابعته وحيث لا مشاركة فلا تفضيل، وكذا لا مشاركة في الأقربية بين تابعيه ومن لم يتبعه فينتفي التفضيل في الأقربية أيضا فكان لا محالة الأولى فيها باقيا على معناه، والمراد أن الأولى بطريقة إبراهيم والأحق بدينه من جميع الناس من كان تابعا له من الأنبياء والأوصياء وأتباعهم في الملة الحنيفية بدليل قوله تعالى: بعد (وهذا النبي) فإن النبي (صلى الله عليه وآله) غير تابع شريعة إبراهيم في التحليل والتحريم ليكون مؤتما به بالاجماع وإنما تبعيته لإبراهيم كونه على الملة الحنيفية مثله والذين آمنوا بالنبي (صلى الله عليه وآله) فالآية رد على اليهود والنصارى وغيرهم من الفرق المدعين أنهم على دين إبراهيم وطريقته هذا ظاهرها وسرها أن الأولى بمقام إبراهيم والأحق بإمامته المجعولة تابعوه من ذريته في الدين القويم الذين لم يجر عليهم اسم ظلم طول أعمارهم، وهذا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والذين آمنوا الذين لم يلبسوا إيمانهم بظلم، وهم علي (عليه السلام) وأطائب أولاده فهي تشير إلى قوله تعالى: [وجعلها كلمة باقية] (1) في عقبه يعني الإمامة وهذا الوجه هو الوارد عن علماء أهل البيت في معنى الآية (2) فهي دالة على مطلبنا من جميع الجهات وبعيدة عن مطلبهم، وكذا مثال القوشجي فإن المراد منه أن التلاميذ أحق بفوائد أستاذهم وعوائده من غيرهم وذلك موافق لنا لا له، وليس
(٢٤٤)