أو إحداث ما يقوم مقامه لاستبقاء تلك المصلحة.
الثاني: إن الإمام لطف من الله في حق عبادة لأنه يقرب إلى الطاعة ويبعد عن المعصية، وبيانه إلى الناس إذا كان لهم رئيس مطاع يمنعهم من المحظورات ويحثهم على الطاعات كانوا معه إلى الطاعة أقرب ومن المعصية أبعد منهم بدونه وذلك هو الإمام فيكون لطفا واللطف واجب على الله تعالى، والمعتزلة يوافقونا في وجوب اللطف على الله والأشاعرة ينفونه بناء على أصلهم من نفي الحسن والقبح العقليين وقد أبطل أصحابنا هذا الأصل وهدموه بما لا مزيد عليه من القول في مبحث العدل، وليس هذا الموضع محل ذكره فليطلب من موضعه، على أنه يكفي في بطلان قولهم قوله تعالى:
{ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى} (1) فإنه واضح في وجوب اللطف على الله تعالى، واعترض مخالفونا على هذا الدليل بأن الإمام إنما يكون لطفا إذا خلا عن المفاسد كلها وهو ممنوع، لأن أداء الواجبات وترك الحرام مع عدم الإمام أكثر ثوابا لكونهما أقرب إلى الإخلاص لانتفاء كونهما من خوف الإمام والجواب من وجوه.
الأول: القدح في العلة فإن أداء الواجب على وجهه وترك الحرام من جميع جهاته لا يحصل بدون الإمام.
الثاني: منع أكثرية الثواب في أداء الواجب وترك الحرام بدون الإمام لقربه إلى الإخلاص لاحتمال إرادة الرياء أو خوف المسلمين أن يسقطوا منزلته لا سيما إذا كان الشخص من أولي المناصب فليس عدم الإمام بكاف في قرب العمل إلى الإخلاص.