ومفتر عليه، ومتعمد الكذب على الله كافر مستحق اللعن والعذاب والطرد من رحمة الله والإبعاد كما عرفت أولا.
الثانية: إن الإمام هو الرئيس الذي تجب على المسلمين طاعته وتحرم على المكلفين معصيته وتجب موالاته ومعاداة أعدائه، والنصيحة له ولزوم جماعته وهذا أمر متفق عليه لا يحتاج إلى الإطالة فيه بنقل الأدلة، ويكفيك منه ما بين في المقدمة مما أوضحناه هناك فحينئذ نقول لأهل الاختيار إذا بدر جماعة من الناس قلوا أو كثروا بعد موت النبي فبايعوا رجلا ونصبوه إماما فإنهم لا محالة أوجبوا بذلك على المكلفين طاعته وحرموا عليهم معصيته فهل أوجبوا ما أوجبوه لذلك الرجل من الطاعة وحرموا ما حرموه له من المعصية وسموه إماما بنص من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) عليه بالخصوص ليكونوا قد أوجبوا وحرموا بحكم الله؟ أم بهوى أنفسهم وميل شهوتهم؟ فإن كان الأول فذلك خارج عن معنى الاختيار ومطابق لقولنا أن الإمامة لا تكون إلا بنص من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) فلا اختيار على هذا، وإن كان الثاني كانوا بإيجابهم ما لم يوجبه الله وتحريمهم ما لم يحرم داخلين في زمرة المفترين على الله الكذب والقائلين عليه بغير علم، إذ قد علمت من صريح الآيات أن الله تعالى لم يفوض إلى أحد أن يحكم بما أراد في دينه من وجوب وتحريم عموما ولا خصوصا، ومن ادعا ذلك فعليه البيان وإقامة البرهان وأنى له بذاك، فبطل بذلك الاختيار في الإمامة لاستلزامه كذب المختارين على الله، ولو كلفهم الله باختيار الإمام لاغتفر لهم القول عليه بغير علم لكنه تعالى لم يغتفر ذلك لأحد، اللهم إلا أن يقولوا إن الإمام على وجه الاختيار لا تجب طاعته، وإنما هو كالملوك الجائرين فحينئذ يخرج من معنى الإمامة الشرعية ونستريح من كلفة تصحيح إمامته وإبطالها، ومن هذا يعلم أنه لا تثبت الإمامة إلا بالنص وليس الاختيار بطريق لها.