رجل ثاقب الرأي ماضي العزيمة صرام للأمور نافذ البصيرة عارف بأنواع المصالح والمفاسد، أو يقدم في الأمانة رجلا غير تام الوثاق ولا مستكمل الديانة على رجل آخر معروف بالعفاف والأمانة وكمال الديانة مقطوع بصلاحه مشهورة ثقته إلى غير ذلك من الأوصاف المتقابلة التي لا يرتاب عاقل غير معاند ولا مكابر في استقباح تقديم القاصر فيها على الكامل؟!! ولكن القوم (1) خالفوا عقولهم وناقضوا أحلامهم فسفهوها بقبح أقوالهم وكل ذلك إرادة منهم لتصحيح إمامة القاصرين من المتقدمين، وقد بان مما حررناه بطلان ما أثبتوه والله المستعان.
المسألة الثالثة (1) يشترط في الإمام أن يكون قريبا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في النسب بل يجب أن يكون أقرب الناس إليه، أما القرابة في الجملة فظاهر الصحابة والتابعين بل جميع المسلمين عليها، ولذا احتج بها أبو بكر وصاحباه في السقيفة على الأنصار عند رومهم مبايعة سعد بن عبادة، وروى لهم عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (أن الأئمة من قريش (2) واحتج لقريش على الأنصار جماعة منهم فانصرفوا بها عن مبايعة سعد واحتج أمير المؤمنين (عليه السلام) بها على أبي بكر وأصحابه في استحقاق