وقال غيره:
كانوا موالي حق يطلبون به * فأدركوه وما ملوا وما لعبوا والشواهد عليه كثيرة، وإطلاق المولى في لسان العرب على مالك العبد معلوم غير مجهول، وبه ورد الكتاب العزيز قال الله تعالى: [ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ وهو كل على مولاه] والمراد به الأولى به والمالك لأمره، أما في العرف فلأن إطلاق لفظ " المولى " على من بيده أمر المرأة في النكاح وعلى مالك العبد أمر شائع ذائع بين الفقهاء والمحدثين وعامة الناس في جميع الأقطار بحيث لا ينكر ولا يدفع، فقد جاء مولى بمعنى الأولى بالشئ والأحق به شرعا ولغة وعرفا، بل قال بعض المحققين من أهل الاطلاع على دقائق اللغة العربية: إن الأصل في المولى الأولى بالشئ والأحق به وما سواه من معاني المولى راجع إليه، فالمعتق مولى لأنه أولى بميراث المعتق وهذا مولى لأنه أولى بنصرة المعتق من غيره، وابن العم لأنه أولى بنصرة ابن عمه لقرابته، والورثة موالي لأنهم أولى بميراث الميت من غيرهم، والحليف لأنه أولى بأمر محالفه للمحالفة التي جرت بينهما، والولي لأنه أولى بنصرة من يواليه، والسيد لأنه أولى بتدبير من يسوده انتهى والصبان في غفلة عن هذا كله، والجواب عن قوله: أن مفعلا لم يرد بمعنى أفعل، من وجهين.
الأول: إنا قد أثبتنا بالأدلة الظاهرة والبراهين الزاهرة مجئ هذا الحرف من مفعل بمعنى أفعل فلا يضرنا عدم مجئ غيره بمعناه لأنا لا ندعي العموم وإنما الدعوى في واحد وقد أثبتناها.
الثاني: إنه ليس المدعى أن مولى صفة بمعنى الأولى حتى يرد قوله وإنما المدعى أن مولى اسم للأولى وقد اعترف بذلك القوشجي وغيره من محققيهم وبوروده كذلك في كلام العرب وأشعارهم فزال اعتراض الصبان.