قبله (1) انتهى وعلى ما ذكره فتكون سيادة النبي (صلى الله عليه وآله) على ولد آدم في النسب فلا يستلزم أفضليته على الأنبياء ولا على الثلاثة أيضا والحاصل أن هذا كلام متجاهل متعصب لا يبالي بما قال فيما يوافق مشتهاه، ولو كان له بعض التدبر لكفاه فهم عائشة من إرادة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلفظ السيادة من التقدم والفضل، ولذا قالت له مستفهمة ألست سيد العرب ولكن ديدن الرجل وأصحابه رد الحق النير بما لا يعقل ولا يمكن من القول كما لا يخفى على الناظر في كلامهم، وذلك لا يغني من الحق شيئا.
وأما ما ورد بلفظ المحبة: فمنه حديث الطائر المتواتر، وقد أشار إليه ابن أبي الحديد مرارا، ورواه الحاكم في المستدرك، وقال بعض العامة أنه صح في كتب النقل والأحاديث الصحيحة والأخبار الصريحة، عن أنس بن مالك قال: أهدي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) طير مشوي يسمى الحجل، وفي رواية ما أراه إلا حباري (2) فقال: (اللهم اتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير) فجاء علي فحجبته، وقلت: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشغول رجاء أن تكون الدعوة لرجل من قومي، ثم جاء على ثانية فحجبته، ثم الثالثة فقرع الباب، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أدخله فقد غيبته) فلما دخل قال له النبي (صلى الله عليه وآله): (ما حبسك عنا يرحمك الله) قال: هذه آخر ثلاث مرات وأنس يقول إنك مشغول فقال: (يا أنس ما حملك على ذلك) قلت: سمعت دعوتك فأحببت أن تكون لرجل من قومي فقال (صلى الله