أولى باللطف من زمان ولا مكلف أحق به من مكلف آخر وليس يجوز في حكمة الله منع بعض المكلفين اللطف، فوجب إذن كون الإمام موجودا في جميع أزمنة التكليف فلا يجوز على الله تعالى بمقتضى حكمة إخلاء زمان من أزمنة التكليف من إمام بالمعنى المذكور وذلك بخلاف النبي فإنه وإن كان لطفا إلا أن اللطف غير منحصر فيه لقيام الإمام مقامه فيما بعث له من المصالح والفوائد فلذا جاز خلو الزمان من رسول حي ولم يجز خلوه من إمام ولذا قال العلامة جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي عطر الله مرقده في بعض كتبه.
" الإمامة لطف عام والنبوة لطف خاص لإمكان خلو الزمان من النبي الحي بخلاف الإمام " انتهى وللشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه في هذا المقام كلام طويل لا بأس بنقل جملة منه لما فيه من الفوائد الجليلة قال روح الله روحه ونور ضريحه: " والفترات بين الرسل (عليهم السلام) كانت جائزة لأن الرسل مبعوثة بشرائع الملة وتجديدها ونسخ بعضها بعضا وليس الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) كذلك، ولا لهم ذلك لأنه لا ينسخ بهم شريعة ولا تجدد بهم ملة، وقد علمنا أن بين نوح وإبراهيم وبين إبراهيم وموسى وبين موسى وعيسى وبين عيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله وعليهم) أنبياء وأوصياء يكثر عددهم، وإنما كانوا مذكرين لأمر الله مستحفظين مستودعين لما جعل الله تعالى عندهم من الوصايا والكتب والعلوم، وما جاءت به الرسل عن الله عز وجل إلى أممهم، وكان لكل نبي منهم مذكر عنه ووصي ومودع استحفظ من علومه ووصاياه، فلما ختم الله عز وجل الرسالة بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يجز أن تخلو الأرض من وصي هاد مذكر يقوم بأمره ويؤدي عنه ما استودعه، حافظا لما ائتمنه عليه من دين الله عزو جل فجعل الله ذلك سببا لإمامة منسوقة منظومة متصلة لما اتصل أمر الله عز وجل لأنه لا يجوز أن تتدارس آثار الأنبياء والرسل