عن القبيح بنافذ حكمة ويقتدون في أمر دينهم ودنياهم بقوله وفعله وذلك هو الإمام، فنصب الإمام واجب في الحكمة بمقتضى نظر الله لخلقه ورأفته بهم وهو المطلوب، وهذا الوجه لبعض متكلمينا من أصحاب أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) (1) ولا قدح باحتمال قيام إيجاب الله على العباد نصب الإمام لحصول الفوائد المذكورة مقام نصبه لهم إماما في حصول الرأفة بهم لأن ذلك مناف للرأفة للعلم بأن تفويض الأمر إلى الخلق مما يوجب لهم الاختلاف والنزاع المؤدي إلى الفساد واختلال النظام لاختلاف الآراء وميل الأهواء فيميل كل قوم إلى شخص غير الذي اختاره غيرهم فيقع الخصام ويشيع الجدال فيما بينهم فلا يتم الغرض المطلوب بل تصير الرحمة بذلك نقمة وهو خلاف المراد.
احتج القائلون بوجوب نصب الإمام على العباد عقلا بأن في نصب الرئيس دفعا للضرر عن أنفس الخلق ودفع الضرر واجب عقلا أما الأولى فظاهرة لأن الخلق إذا لم يكن لهم رئيس يحسم مادة النزاع فيما بينهم ويأخذ للضعيف من القوي انتشر أمرهم وفشا الفساد فيهم، وأما الكبرى فمعلومة والجواب أنه لا نزاع في كون الإمامة دافعة للضرر وكون دفع الضرر واجبا إنما النزاع في تفويض الأمر إلى اختيار الخلق فإنا لا نسلم كون الإمامة على هذا الوجه دافعة للضرر لاختلاف الخلق في تعيين الإمام فيؤدي إلى الضرر المطلوب زواله كما قدمناه فالواجب جعل ذلك إلى الله تعالى على أن الاختيار في الإمامة سنبطله إن شاء الله تعالى في محل الكلام عليه بأدلة واضحة.
واحتج القوشجي للأشاعرة بوجوه قال:
الأول: وهو العمدة إجماع الصحابة حتى جعلوا ذلك أهم الواجبات