إمعان النظر فيها والتروي في معانيها يوصل إلى فهم ذلك منها، ومن هذا كله يعلم بطلان ما قال ابن أبي الحديد: وأما الوراثة فالإمامية يحملونها على ميراث المال أو الخلافة ونحن نحملها على وراثة العلم انتهى، وقد تحقق لك أن الإمامية لا يحملونها على وراثة المال لإجماعهم على أن لا وارث مع ولد من ذوي النسب إلا الأبوان، فكلام ابن أبي الحديد فرية عليهم، اللهم إلا بعد وفاة فاطمة فميراث النبي (صلى الله عليه وآله) المالي بواسطتها ينتقل إلى علي (عليه السلام) وولديها الحسن والحسين فيجتمع لهم هنالك المراتب والمال، وأما قبل وفاتها فعلي (عليه السلام) وارث في الإمامة ولوازمها لا يحمل الإمامية الوراثة هنا إلا على هذا وهي صريحة فيه، وأما تخصيصه إياها بوارثة العلم فهو تخصيص للعام بالرأي، وتقييد للمطلق بالاستحسان، وذلك ميراثه وأصحابه من أسلافهم كما سيأتي القول فيه، وليس ذاك بجائز إذ ليس عليه من الشرع دليل فما إلى القول به سبيل مع أن قوله غير وارد علينا ولا مناقض لنا، بل مواقف لما نقول، لأنا نذهب إلى أن وارث علم النبي (صلى الله عليه وآله) يجب أن يكون هو الإمام بعده، ولا يجوز أن يتقدم عليه أحد من الناس كما بيناه فيما سبق من المقدمة والفصل الأول من وجوب تقديم الأفضل على المفضول، فقوله لنا لا علينا بل نزيد على ذلك ونقول إن العقل السليم يجزم بأن وارث علم النبي هو الوارث مقامه وأنهما متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر عقلا، ووجهه يؤخذ مما أسلفنا من التحقيقات ومن تأمل وأنصف عرف صحة ما نقول.
وأما ما ورد بلفظ الأحقية والأولوية: فما رواه ابن أبي الحديد عن أبي إسحاق الثعلبي في تفسيره عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما نزل [إذا جاء نصر الله والفتح] بعد انصرافه (صلى الله عليه وآله وسلم) من غزاة حنين جعل يكثر من سبحان الله استغفر الله ثم قال: (يا علي إنه قد جاء ما وعدت به جاء الفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا وإنه ليس أحد