عمرا طويلا كثيرا لو أردنا ذكر جميع من يمكننا ذكره، وكل من انتهى إلينا خبره لطال الكلام فأين العادة؟ وأين العمر الطبيعي؟ فإذا صح عند خصومنا جواز الزيادة على العمر الطبيعي وخرق العادة فيمن ذكرناهم على كثرتهم ومن تركنا ذكره أكثر كيف يمنعون ذلك في المهدي دون غيره لتلك العادة المنخرمة المنخرفة؟ ما هو إلا تشبت بما لا يجدي نفعا ثم إنهم أثبتوا أن الخضر حي موجود إلى أن يقوم المهدي (عليه السلام) وهو قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بزمان طويل لأنه كان على مقدمة ذي القرنين الأكبر الذي كان في زمن إبراهيم الخليل (عليه السلام) على رواية المسعودي في أخبار الزمان، وقيل هو إيليا بن ملكا بن فالغ بن عابر، وقيل الخضر بن ميشا بن أفرائيم بن يوسف الصديق، وعلى كل حال فهو قبل نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) بمدة طويلة وصححوا أن معمر أبا الدنيا علي بن عثمان بن الخطاب الهمداني حي موجود من زمان نبينا إلى أن يقوم المهدي وأثبتوا أن الدجال حي موجود إلى قيام المهدي، ونزول عيسى من المساء فيقتلانه، وأن إلياس حي موجود في السحاب فإثباتهم طول البقاء لهؤلاء وإنكارهم البقاء منهم للمهدي عناد صرف، وتعصب محض لا حجة عليه، وبعد فما ينكرون من أن يكرم الله نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما أكرمه بأن يعمر رجلا من عترته إلى وقت معلوم عنده كما فعل بغيره؟ على أن لازم ما رووه عن النبي (صلى الله عليه وآله) من قوله: (لتحذون حذو الأمم من قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقدة) وقوله: (ليكونن فيكم ما كان في الأمم قبلكم) أو ما أشبه هذا اللفظ أن يكون في أولياء هذه الأمة معمرون كما كان في أولياء الأمم السالفة، وفي هذا كفاية لصحة بقائه (عليه السلام) إلى وقت معلوم عجل الله فرجه وسهل مخرجه، وجعلنا من أنصاره وأكرمنا بجواره.
وأما الشبهة في استتاره بأنه كيف يكون موجودا ولا يعرف بشخصه