سؤال وجواب إن قال قائل: إنكم حكمتم بأن عليا (عليه السلام) هو إمام الحق بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بنصه عليه وأنهم قد ظلموه وردوا نص النبي (صلى الله عليه وآله) عليه بغير حجة ولا برهان، وهذا عندكم رجوع على الأعقاب وخروج من الحق إلى الضلال، فما الذي منع أمير المؤمنين من قتلهم وقتالهم مع أنه عندكم أشجع الخلق، وغيركم أيضا مقر بشجاعته وأنتم تقولون لو قاتله أهل الأرض كلهم لغلبهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب؟ فإذ حكمتم بضلالهم لزمكم الحكم بخطأ علي (عليه السلام) في ترك جهادهم، وعدوله عن قتالهم كما فعل بالناكثين والقاسطين والمارقين، والحكم بصحة ما فعلوه قلنا له، لهذا السؤال وجوه متعددة من الأجوبة كل منها كاف في دفعه وشاف في رفعه.
الأول أن عليا (عليه السلام) عندنا كما ذكرت من الشجاعة إلا أنه مع ذلك لا يمكنه الجهاد بنفسه ولا القتال بمفرده لأنه بشر مكلف، وله شواغل من الضروريات البدنية كالنوم والأكل والشرب وغيرها وله شواغل من لوازم التكليف كالصلاة والصوم وغيرهما، ويشغله شأن عن شأن والنوم والصلاة والأكل والشرب من الضروريات واللوازم الدائمة المستمرة على الإنسان لا يخلو منها في اليوم والليلة أبدا، فليس بمنكر من القوم لو قاتلهم بنفسه أن