معنى وصي النبي هو القائم مقامه في الأمر والنهي بعهد من النبي إليه، وإذا كان علي (عليه السلام) هو الوصي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) كان هو القائم مقامه في تنفيذ الأحكام وسياسة الأمة وغير ذلك من ولايات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيكون هو خليفته والإمام بعده، إذ لا معنى لخلافته إلا القيام مقامه ولا معنى لوصيه إلا القائم مقامه بنصبه إياه، ولا معنى للإمامة إلا هذا ولا يعرف لها معنى غيره، وهذا بحمد الله واضح.
قال ابن أبي الحديد " وأما الوصية فلا ريب عندنا أن عليا (عليه السلام) كان وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن خالف في ذلك من هو منسوب عندنا إلى العناد ولسنا نعني بالوصية النص والخلافة لكن أمورا لعلها إذا لمحت أشرف وأجل " (1) انتهى.
قول إخراج اللفظ عن صريح معناه تشهيا من دون حجة بينة ولا سبب داع هو ديدن ابن أبي الحديد وأصحابه وأمثالهم، وليس النزاع بيننا وبينهم في هذا كما علمت أولا فإنا مقرون لهم بأنهم يحرفون الكلم من بعد مواضعه ويدفعون النصوص بالشبهات ويصرفون الألفاظ الصريحة عن معانيها بمجرد الشهوات هذه عادتهم المعروفة وسجيتهم المألوفة، وإنما النزاع بيننا وبينهم أنا ندعي النص من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على علي (عليه السلام) بالإمامة والقائم مقامه فعلينا أن نأتي من أقوال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بما هو صريح في المعنى ونص في المطلب مثل لفظ الإمام والأمير والوصي وما أشبهها مما سنورده، وقد أتينا منه بما يقرون به ولا ينكرونه وما نسبوا جاحده إلى العناد مع أن ذلك الجاحد أم المؤمنين عائشة