الثالث: (1) تسليم أنه بمعنى أولى لكن لا نسلم أنه أولى بالإمامة، بل بالاتباع له والقرب منه كقوله تعالى: [إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه] (2) وقول التلاميذ: نحن أولى بأستاذنا مثل به في المقام القوشجي.
والجواب إنا لا ندري ما مرادهم من هذا العبارة المضطربة الألفاظ الزائلة المعنى ولا بد من أن يكونوا أرادوا أحد وجوه إما أنهم أرادوا أن معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله) " من كنت مولاه فعلي مولاه " من كان لي تابعا فهو لعلي تابع فيكون حاصله أن من لم يكن تابعا لي فليس تابعا لعلي فمن لم يكن تابعا لعلي (عليه السلام) فليس بتابع للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيقال لهم: على هذا فأبو بكر وأصحابه تابعون للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أم غير تابعين له فإن كانوا له تابعين لزمهم أن يتبعوا عليا بعده، والمتبوع هو الإمام وإن لم يكونوا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أتباعا لم تجز لهم خلافته فدلالة الخبر على المدعى بحالها وإن أرادوا أن معناه من كنت تابعه فهذا معنى قبيح لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يتبع أحدا من الناس، بل هو الرئيس المتبوع، وإن أرادوا أن معناه من كان تابعا لي كان علي تابعا له، فهو معنى مستهجن جدا لأن مراد النبي (صلى الله عليه وآله) من الكلام مدح علي (عليه السلام) بالاتفاق، وعلى هذا المعنى يكون مدحا لواحد غير معين ويكون علي (عليه السلام) ملزوما بتبعية ذلك الغير فلا مدح له وهو خلاف المراد، ولا تنصرف عبارتهم إلى غير هذه المعاني الثلاثة، والأول لنا لا علينا وإن كان من لفظ الخبر بعيدا، والأخيران مع ما فيهما مما سمعته بعيدان عن حاق اللفظ فحمل كلام النبي (صلى الله عليه وآله) عليهما بين الفساد، وأما الأولى في الآية