إلى قتال إمامهم، فدعوى أن عليا (عليه السلام) صوب القوم في فعلهم يوما ما من باب تقريب البعيد، وترويج الزيف وستر الظاهر المكشوف وإن شئت قلت إنها من باب تجويز الممتنع وهو من فعل ابن أبي الحديد غير مستنكر ولا بعيد، فما زال يدفع عنهم بالراح، ويبطل لأجلهم الحجج الصحاح، ويرد للحماية عليهم دلالة الأدلة الصراح، وليس ذا من عمله بمجد للمتأمل ولا بنافع عند المتبصرة، ولا بكاف في الذب عنهم لدى المنصف المتدبر، فما أبين الصبح لذي عينين وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر.
ومما يدل على أن بعض الصحابة قد أحدثوا في الدين وغيروا أحكام الكتاب وخالفوا السنة وخرجوا من العدالة دلالة صريحة ما صح في روايات الخصوم من أخبار النبي (صلى الله عليه وآله) بدخول جماعة من أصحابه النار لأنهم أحدثوا بعده ما أوجب لهم دخولها وهي كثيرة نذكر منها بعضا تحصل به الحجة.
فمنها ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين بالسند عن سهل بن سعد من المتفق عليه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (أنا فرطكم على الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثم يحال بيني وبينهم) قال أبو حازم فسمع النعمان بن أبي العباس وأنا أحدثهم هذا الحديث فقال: هكذا سمعت سهلا يقول قلت: نعم: قال: أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد (وأقول إنهم من أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا فسحقا لمن بدل بعدي).