وقد تخالفها إذ لا ملازمة بينهما كما في العاصي، وبهذا البيان يرتفع الجبر في الأفعال، وهذه الإرادة هي التي كانت متعلقة بهم فإن الله علم أنهم يخرجون بسوء اختيارهم عن الطاعة وقبول الأمر الصادر من الله ومن رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالائتمام بعلي (عليه السلام) والانقياد لطاعته بعد النبي (صلى الله عليه وآله) فهم قد خالفوا إرادة الله الأمرية وإرادة رسوله كذلك في أمر الإمامة، ووافقوا إرادة الله العلمية بأنهم يكونون عاصين فإذا كان أراد من قوله في الخبر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أراد أمرا وأراد الله غيره أن الرسول (صلى الله عليه وآله) أمر عن أمر الله بطاعة علي (عليه السلام) من بعده وعلم الله إنا لا نطيعه في أمره فقد صدق لكن ذلك لا ينفعه ولا يجدي له عند الله عذرا، وقد وضح لك أن الخبر المذكور ناطق بصدور النص من النبي (صلى الله عليه وآله) على علي (عليه السلام) وأن القوم قد خالفوه إحالة على المقادير، وبئست تلك المعاذير، ومثل هذا الحديث ما قدمناه أولا من قول عمر في حديث ابن أبي طاهر: ولقد أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يصرح به في مرض موته فمنعته وقد مر عليك مبينا بأوضح بيان فراجعه.
ومنها ما رواه عن أبي بكر الجوهري مسندا عن ابن عباس قال مر عمر بعلي (عليه السلام) وعنده ابن عباس بفناء داره فسلم فسألناه أين تريد؟
فقال: مالي بينبع، فقال علي (عليه السلام): أفلا نصل جناحك ونقوم معك؟ قال: بلى؟ فقال لابن عباس: قم معه، قال: فشبك أصابعه في أصابعي ومضى حتى إذا خلفنا البقيع، قال: يا بن عباس أما والله إن كان صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أنا خفناه على اثنتين، قال ابن عباس: فجاء بمنطق لم أجد بدا معه من مسألته عنه، فقلت: يا أمير المؤمنين ما هما؟ قال: خشيناه على