وإلا لآخى بينه وبينه، فمفاده أنه لا يصلح أحد من الصحابة غير علي (عليه السلام) للقيام مقام النبي (صلى الله عليه وآله) في دينه وأمته من بعده، فهذا الفعل يكاد يلحق بالنصوص الصريحة على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) إن لم يكن من أدلها وأوضحها عند إعطاء التأمل حقه وليس من أدلة الإشارات والأمارات كما ترى، والعجب كيف تقتضي صحبه أبي بكر لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الغار عند أبي عبيدة وعمر إرادة رسول الله (صلى الله عليه وآله) تقديمه عليهما بزعمهما فيمتنعان من التقدم عليه يوم السقيفة كما رواه ابن أبي الحديد (1) وغيره من قولهما مع ما في أمر صحبته الغار من الايراد وعدم تحقق السلامة من الطعن كما سلف منا إشارة إليه ولا تقتضي مؤاخاة النبي (صلى الله عليه وآله) عليا عندهما إرادة تقديمه على الناس كافة مع ما فيها من التشريف الظاهر، والتفضيل البين، والتنويه الواضح بشأن أمير المؤمنين (عليه السلام) مع ما يشاركه من الأفعال والأقوال، والمدح العظيم والثناء الجسيم من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليه ما هذا إلا عناد وإنكار صريح الفضل أمير المؤمنين (عليه السلام)؟ فأعاذنا الله تعالى من الغفلات وقد تقدم هذا كلام في موضع دعت الحاجة إلى ذكره فيها وأوضحنا هناك فيه ما ينتفع به ههنا.
ومنها إباتة النبي (عليه السلام) عليا (عليه السلام) على فراشه لما أراد مشركوا قريش قتله في داره، ونحن نذكر من ذلك ما ذكره ابن أبي الحديد عن شيخه أبي جعفر الإسكافي المعتزلي في نقضه على الجاحظ، ونكتفي به فإنه قد أتى من ذلك بما لا ينبغي الزيادة عليه، قال في جواب الجاحظ: (ثم يقال له: ما بالك أهملت أمر مبيت علي (عليه السلام) على الفراش بمكة ليلة الهجرة هل نسيته أم تناسيته؟ فإنها المحنة العظيمة والفضيلة الشريفة التي