الأنبياء لأنه إذا جمع خصال الكل كان أفضل من كل واحد البتة، وهو يكاد يصرح بالنص إذ المقصد من تشبيه علي (عليه السلام) بالأنبياء إظهار ماله من الفضل الفائق على جميع الورى وإرادة تعظيمه من الأمة وتقديمه على من لم يكن فيه خصلة من تلك الخصال، وهذا ينافي ما قاله ابن أبي الحديد من جواز جعله سوقة يحكم عليه من لا يساويه ولا يدانيه في فضله فسبحان الله ما أوهن هذا المقال.
ومنها قول النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي: (والذي نفسي بيده لولا أن تقول طوائف من أمتي فيك ما قالت النصارى في ابن مريم لقلت اليوم فيك مقالا لا تمر بملأ من المسلمين إلا أخذوا التراب من تحت قدميك للبركة) رواه ابن الحديد عن أحمد بن حنبل في المسند (1).
أقول: انظر أيها الناظر المتقن إلى ما احتوى عليه هذا الحديث من الفضل الذي لا يدرك العقل معناه ولا يبلغ الادراك إلى الإحاطة بأدناه، حيث دل على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد خاف من إظهار ذلك المقال في علي (عليه السلام) ذهاب طوائف من الأمة إلى القول بربوبيته، والمصير إلى اعتقاد إلهيته، كما قالت النصارى في ابن مريم، مع أنه قال فيه من الأقوال الجليلة ما شاع ذكره في الآفاق، ورواه على كثرته كل قوم على اختلاف