كان صلحاء الصحابة أفضل من صلحاء من بعدهم لأنهم السابقون إلى الدين ومتبوعون فيه وغيرهم تابع لهم.
وفي المعنى الثاني: أما اشتراط كون الإمام أعلم من كل رعيته فلأنه مقتدى الأمة فلو كان فيهم من هو أعلم منه لوجب عليه الاقتداء بذلك الغير فخرج الإمام عن كونه مقتدى الأمة فلم يكن إماما، ولأنه الذي ترد إليه الأمة الأمر عند التنازع فيرفع عنهم الاختلاف بيانه كما دلت عليه آية:
[ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم] (1) على ما مر من توضيحها، وإذا كان في المختلفين من هو أعلم منه لم يرتفع الخلاف ببيانه بل احتاج هو إلى بيان ذلك الأعلم فلم يحصل بالرد إليه الغرض من رفع الاختلاف وإزالة الشبه وذلك خلاف المراد من الرد فوجب أن يكون هو الأعلم وأن علمه لا يتغير ولا يختلف كما مر عليك بيانه في المقدمة وبعضه في المسألة الأولى.
وأما اشتراط كونه أسخى فلأنه ولي أموال المسلمين وخازنها فإذا لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى جمع المال وادخاره فساءت حاله عند أصحابه وسقطت من القلوب منزلته، إذ من المعلوم أن السخي الباذل تكون له جلالة عظيمة في النفوس وقبول عند الناس ومحبة أكيدة وموقع في القلوب، والإمام أولى بذلك كله من غيره وأحوج إلى أن تقع جلالته في النفوس فيحصل المسارعة إلى إنفاذ أوامره ونواهيه، ويكون مرجوا سيبه (2) ممدودة إليه أعناق الرجال، وهكذا يجب أن يكون الإمام، وأن البخيل الشحيح لا جلالة له في النفوس ولا تعظيم ولا محبة ولا قبول، بل يكون ثقيلا على القلوب محقرا عند العباد، والإمام يجب أن يكون منزها عن ذلك لأنه ينافي ما يجب من ولايته، ولأجل