المسألة الرابعة (1) في طريق الإمامة وقد اختلف الناس في ذلك فذهب أصحابنا الإمامية إلى أن الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو مدلولا عليه من الإمام الذي قبله، أو يدعي الإمامة فيقيم معجزا يدل على صدقه، ولا خلاف بين الأمة في أن النص والتعيين من النبي (صلى الله عليه وآله) أمر مستقل تثبت به الإمامة، وإنما الخلاف في كون النص شرطا فلا تثبت الإمامة بدونه ودون الوجه الثاني، وهذا مذهب أصحابنا (رضي الله عنهم) وهو الحق المتبع، وذهب العامة وغيرهم من الفرق إلى أن الإمامة تصح بالاختيار وتثبت ببيعة أهل الحل والعقد كما تثبت بالنص، وذهب الزيدية إلى أن كل فاطمي عالم زاهد خرج بالسيف وادعى الإمامة فهو إمام، وهذا المذهب مشارك لما قبله في الضعف والوهن، وستسمع الحجة على إبطالهما وذهب العباسية إلى أن تعيين الإمام يكون بالنص والميراث ومرادهم الأقربية، ولا نزاع بيننا وبينهم إلا في تعيين الأقرب الوارث وقد مر بيان ذلك من قريب، فإن قيل إنكم قلتم: إن نصب الإمام واجب على الله فيكون منصوبا من قبله ثم قلتم هنا: إن الإمامة تحتاج في ثبوتها إلى نص من الرسول (صلى الله عليه وآله) فلا اعتراض فيه لأنه يوحي إليه فيعرفه الله الإمام من بعده ويأمره بنصبه فيكون منصوبا من الله على لسان الرسول (صلى الله عليه وآله) لكن الإمام من أين تحصل له معرفة من نصبه الله بعده في الإمامة حتى يدل عليه والوحي قد انقطع وليس الإمام عندكم يوحي إليه فلا محالة يكون المدلول عليه مختار الإمام الذي قبله لا منصوبا من الله فرجع قولكم في الإمامة إلى الاختيار أيضا قلنا: ليس الأمر كما ادعيت بل لنا في الجواب عن هذا الايراد وجوه.
الأول أن الوحي وإن كان قد انقطع فما انقطعت الإلهامات فجائز أن