وقول أبي الأسود الدئلي يهدد طلحة والزبير يوم الجمل:
وإن عليا لكم مصحر * يماثله الأسد الأسود أما إنه أول العابدين * بمكة والله لا يعبد (1) وغير ذلك من الأشعار، ولو تعاطينا ذكر الأخبار ورواية الأشعار في هذا الباب حتى نستوفي ما وجدناه من ذلك في كتب الخصوم لطال الكتاب وبلغ إلى غاية الأطناب، وقول من قال: أول من أظهر الإيمان أبو بكر مع شذوذه مردود بمعارضته لهذه الشهرة التي قربت من الإجماع بل كادت تكون إجماعا، ولذا ادعى بعض العامة عليه الإجماع، على أن أبا جعفر الإسكافي قال في كتاب نقض العثمانية: إن جمهور المحدثين لم يذكروا أن أبا بكرا أسلم إلا بعد عدة من الرجال منهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) وجعفر أخوه وزيد بن حارثة وأبو ذر الغفاري وعمرو بن عنبسة السلمي وخالد بن سعيد بن العاص وخباب بن الأرت انتهى (2) وقال ابن أبي الحديد أن المخالف في سبق إيمان علي (عليه السلام) شاذ لا يعتد به (3) انتهى ولأجل اشتهار الأمر لم نحتج فيه إلى ذكر ما رواه الخصوم جميعه بل اكتفينا بيسير منه وإذا كان علي (عليه السلام) أسبق في الإيمان كان أفضل لقوله تعالى:
[والسابقون السابقون أولئك المقربون] (4) والمقرب أكثر ثوابا البتة.
وأما إنه أشجع الصحابة وأكثرهم جهادا: فأمر معلوم لا يشك فيه ذو فهم وفطنة، بل كونه أشجع البشر أمر أوضح من ضوء النهار كما يشهد به مواقفه المشهورة، ومشاهدة المأثورة في حروب النبي (صلى الله عليه وآله