النبي (صلى الله عليه وآله) غيرهما، فأي دليل على الإمامة ووجوب الطاعة وتحريم عصيان العترة أدل من هذا وبه يبطل قول من قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يوص، أفليست هذه وصية صريحة وإيجاب طاعة للعترة على الناس ظاهرا، فأبلغ شاهد من هذا يريد منا الخصوم كابن أبي الحديد وأشباهه من المنكرين النص وتأمل إلى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) (أذكركم الله في أهل بيتي) ويكررها ثلاثا وقوله: (فانظروا كيف تخلفوني فيهما) وقوله: (إن الله مسائلكم كيف خلفتموني في كتابه وأهل بيتي) فإنك تجده صريحا في التوصية بطاعتهم، والانقياد لأمرهم، وتحريم مخالفتهم، والتوعد عليها بأعظم القول، وأبلغ الوصية، افترى الوصية بالإمامة تحتاج إلى أكثر من هذا اللفظ أو تزيد على هذا القول حتى يقال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يوص إلى أحد بعينه بعد إقرارهم بصدور هذا الكلام عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ وفي قوله: (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا يفترقان حتى يراد علي الحوض) إيماء بل دلالة على بقاء الإمامة واستمرارها إلى انقضاء زمان التكليف، وإنها لا تنقطع وقد بين هذا في مقدمة الكتاب بأحسن بيان.
واعلم إنما أبطلت دلالة هذه الأدلة على الإمامة عند المخالفين، وقالوا:
لا وصية ولا نص من النبي (صلى الله عليه وآله) على أحد بعينه، مع وضوحها وكونهم ذوي فطن شبهة خلافة الثلاثة وتقدمهم ووثوقهم في الصحابة على جهل وتقليد واتباعهم السواد الأعظم فقابلوا الصريح في خلافهم بالأغراض ونظروا إليه نظرا اغماض فقد لعمري تركوا الحق وسفهوا الهدى [ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا].
وما ورد بلفظ السيادة الحديث المتواتر وهو قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحسن والحسين: (هما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير