أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية فأنزل فيه: [الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون] (1) وكان (عليه السلام) يسقي بيده لنخل قوم من يهود المدينة (2) حتى مجلت يده ويتصدق بالأجرة ويشد على بطنه حجرا وقال الشعبي وقد ذكره: كان أسخى الناس على الخلق الذي يحبه الله ما قال لا لسائل قط، وكان يكنس بيوت الأموال ويصلي فيها، وكان يقول: (يا صفراء ويا بيضاء غري غيري) حتى إنه لم يخلف ميراثا ولقد قال عدوه ومبغضه معاوية فيه: لو ملك بيتا من تبن وبيتا من تبر لأنفق تبره قبل تبنه، ويكفيك شاهدا على أنه أسخى الصحابة وأجودهم آية النجوى التي لم يعمل بها غيره ولم يفز بها سواه وهي قوله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة] (3) الآية فإن الصحابة جميعهم امتنعوا من مناجاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد نزولها ولم يناجه إلا علي (عليه السلام)، وقد روي أنه أعتق من كسب يده ألف مملوك. (4) وأما إنه أزهد الناس فأمر ظاهر، فإنه (عليه السلام) كان سيد الزهاد وبدل الأبدال، ما شبع من طعام قط وكان أخشن الناس مأكلا وملبسا، وقل أن يأتدم فإن فعل فبالملح أو الخل، فإن ترقى فبنبات الأرض، فإن زاد فبلبن، وكان لا يأكل اللحم إلا قليلا، ويقول: (لا تجعلوا بطونكم مقابر
(٢٩٣)