الحديث كما ترى بأن القوم كانوا مبغضين لعلي (عليه السلام) في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنهم مجهدون أنفسهم في عيبه ونقصه عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليغضب عليه لكنهم لم يجدوا إلى ذلك سبيلا فما فاتهم منه في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أدركوه منه بعد وفاته فدفعوه عن مقامه وأخرجوه قهرا إلى من قدموه عليه.
قال ابن أبي الحديد قال أبو بكر: وحدثني أبو زيد عمر بن شبة عن رجاله قال: جاء عمر إلى بيت فاطمة في رجال من الأنصار، ونفر قليل من المهاجرين فقال: والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم فخرج الزبير مصلتا بالسيف فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر فندر (1) السيف من يده فضرب به عمر الحجر فكسره، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقا عنيفا حتى بايعوا أبا بكر (2)، ولا شك أن من سكن في قلبه ذلك البغض القديم لعلي في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) يحدث منه بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام) هذا الفعل الذميم، ويأتي لهذا زيادة تحقيق في موضعه فترقب، ومن تبصر أدنى تبصر عرف يقينا أن القوم قد ارتكبوا من أمير المؤمنين أمر عظيما، وأنهم تعمدوا إنكار فضله وإخفاء النص عليه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنهم قصدوا مخالفة النبي (صلى الله عليه وآله في جميع ما عهد إليهم في حقه وما أوضحه لهم من علو شأنه، أو لا تراهم كيف شاهدوا غضب النبي (صلى الله عليه وآله) عليهم من ذكرهم عليا (عليه السلام) بشئ من سئ القول وإبدائهم الشكاية منه إليه! (3) ثم هم يعمدون بعد أيام إلى حرق بيته ويخرجونه ملببا يسوقونه ومن معه سوقا عنيفا، فماذا