ذلك، وقال: ما سمعت ولولا علمه بأن الولاية لعلي (عليه السلام) في قول النبي (صلى الله عليه وآله) يراد بها الإمامة والإمارة دون المعونة والنصرة، وعلمه بأن أباه يعلم ذلك لما كان يتوجه له الانكار على أبيه بوجه من الوجوه ولا صح له أن يتبرئ من مكالمته بحال من الأحوال، ولولا أن سعدا فهم من الولاية ما فهمه ابنه منها لاعتذر إليه عن فعله ودفع عنه إنكاره بما يعتذر به خصومنا اليوم من حمل الولاية على المعونة والنصرة، وأقول:
سقيا لربع قيس في صدعة بالحق وعدم التفاته في القول به إلى القرابة وإنكاره الباطل حتى على أبيه مع كونه سيد الأنصار، وهذه قاعدة طالب الحق المنصف وطريقته لا يعاند إذا ظهر له الحق ولا يعدل عنه ويتعلل فيه لرضى القرابة والعشيرة والشيوخ والاسلاف وحب الرئاسة والجاه، وقد وضح من جملة ما حررناه أن الأنصار ومن سمع الخبر من منصفي التابعين قد عرفوا وحكموا أن مراد النبي (صلى الله عليه وآله) (من كنت مولاه فعلي مولاه) الأولوية بالأمر وهي الإمارة العامة والإمامة الكبرى والخلافة العظمى لا معنى غيرها مما يذكره الخصوم، افترى خفي على المهاجرين مثل أبي بكر وعمر وعثمان وأبي عبيدة وعبد الرحمن وأضرابهم مع شدة ملازمتهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقوة فهمهم وعلمهم على ما يدعى الخصم ما كان ظاهر للأنصار ظهور الشمس في رابعة النهار؟ أم تعمدوا مخالفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طلبا للرئاسة وكتموا نص الرسول (عليه السلام) على علي (عليه السلام) طمعا في الإمارة كما فعل سعد بن عبادة عند طلبه ذلك فلما فاته الأمر أظهر ما أخفاه وأبرز ما كتمه؟ فانظر ما قلناه بعين التبصر والإنصاف فإنك لا تشك بعده في صحة ما نذهب إليه، ومما يعين ما قلناه مضافا إلى ما ذكرناه قول النبي (صلى الله عليه وآله) في آخر الخبر (اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) فإن المراد من موالاة الله موالي علي (عليه السلام) هدايته وإثابته إياه، ومن