وروى أبو داود عن ابن عباس قال: قنت رسول الله (ص) شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح، إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني (سليم) على (رعل، وذكوان، وعصيه) (1) ويؤمن من خلفه (2).
وروى البخاري عن أنس قال: كان القنوت في المغرب والفجر.
وفي (الصحيحين) سمع (أبو سلمة) أبا هريرة يقول: والله لأقربن بكم صلاة رسول الله (ص).
فكان أبو هريرة يقنت في الظهر، والعشاء، الآخرة، وصلاة الصبح، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ويلعن الكفار. وعن أنس بن مالك قال: دعا رسول الله (ص) على الذين قتلوا أصحاب (بير) معونة ثلاثين صباحا يدعو على (رعل)، و (ذكوان)، و (لحيان) (3)، و (عصيه) عصمت الله ورسوله.
وعن محمد قال: قلت لأنس هل قنت رسول الله (ص) في صلاة الصبح؟! قال: نعم بعد الركوع يسيرا.
وعن البراء بن عازب أن رسول الله (ص) كان يقنت في الصبح والمغرب. قال النووي في (شرح مسلم): مذهب الشافعي أن القنوت مسنون في صلاة الصبح دائما، وأما غيرها فله فيه ثلاثة أقوال، الصحيح المشهور أنه إن نزلت نازلة كعدو، وقحط، ووباء، وعطش، وضرر ظاهر في المسلمين، ونحو ذلك قنتوا في جميع الصلاة المكتوبة، وإلا فلا. والثاني: يقنتون في الحالين (ثم قال): والصحيح أنه لا يتعين فيه دعاء مخصوص بل يحصل بكل دعاء، ولو ترك القنوت في الصبح سجد للسهو. وفيه جواز الدعاء لإنسان معين، وعلى معين (إنتهى ملخصا) (4).
وفي (الفتح) عن أنس: أن بعد أصحاب النبي (ص) قنتوا في صلاة الفجر قبل الركوع، وبعضهم بعد الركوع. وعنه أن أول من جعل القنوت قبل الركوع أي دائما عثمان، وروى البخاري قال عاصم (الراوي): سألت أنس بن مالك عن القنوت فقال: قد كان القنوت، قلت قبل الركوع أو بعده، قال قبله، قال فإن (فلانا) أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع، فقال كذب، إنما قنت رسول الله (ص) بعد الركوع شهرا (5).
في (الفتح): قوله (بعد الركوع يسيرا) قد بين عاصم في روايته مقدار هذا اليسير حيث قال فيها: إنما قنت بعد الركوع شهرا (6).
وفي صحيح ابن خزيمة من وجه آخر عن أنس أن النبي (ص) كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم، وكأنه محمول على ما بعد الركوع بناء على أن المراد بالحصر في قوله (إنما قنت شهرا) أي متواليا.
أقول: التطبيق بين الروايات أن أنسا قال: إنما قنت النبي (ص) بعد الركوع شهرا متواليا على الأعداء، وقنت دائما قبل الركوع (ثم قال ابن حجر في شرح قوله فقال كذب): ويحتمل أن يكون