الثالث: أن صاحب الدار أدرى بما فيها فكيف يتصور أن هذا الحديث لم يعلم النبي (ص) عليا (ع). ولا عباسا، ولا فاطمة وعلم أبا بكر وحده، أو أبنته وحدها.
وفي الصواعق، وتاريخ الخلفاء: واختلفوا في ميراثه فما وجدوا عند أحد من ذلك علما فقال أبو بكر سمعت رسول الله (ص) يقول: " إنا معاشر الأنبياء " الحديث (1).
وقال الفخر الرازي في تفسيره الكبير: المحتاج إلى هذه المسألة ما كان إلا عليا وفاطمة والعباس، وهؤلاء كانوا من أكابر الزهاد والعلماء في الدين. وأما أبو بكر فإنه ما كان محتاجا إلى معرفة هذه المسألة لأنه ما كان يخطر بباله أنه يرث الرسول (ص) فكيف يليق بالرسول أن يبلغ هذه المسألة إلى من لا حاجة به إليها، ولا يبلغها إلى من له إلى معرفتها أشد الحاجة، (إنتهى) (2). وكذا في التفسير النيشابوري (3).
الرابع: إن عليا والعباس إن كانا سمعاه من النبي (ص) فكيف يطلبانه من أبي بكر، وأن كانا سمعاه من أبي بكر أو في زمانه بحيث ثبت عندهما العلم بذلك فكيف يطلبانه بعد ذلك من عمر، وأجاب عمر رأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا (كما في مسلم) (4)، وقد أقر بهذا الإشكال الحافظ في (الفتح) بقوله فيه إشكال شديد (5).
وقال السيد في رسالة (الزهراء) ناقلا عن ابن أبي الحديد أنه نقل عن الإمام الجوهري أنه قال في كتاب (السقيفة) قال عمر: أنتما (علي وعباس) تزعمان أن أبا بكر فيها ظالم وفاجر، والله يعلم أنه لصادق، ثم قال: وأنتما تزعمان أني فيها ظالم فاجر والله يعلم إني لصادق.
الخامس: إنه قد روت هذا الحديث " أي معاشر الأنبياء " عائشة وحدها، فصدقها أبوها مع وحدتها أو بالعكس، ولم يصدق أبو بكر شهادة علي، والحسنين، وأم أيمن.
السادس: قد سلم أن شهادة خزيمة بمنزلة شهادتين لحديث عن النبي (ص) فكيف لا يعتبر شهادة علي، والحسنين المعصومين، مع أن شهادة رجل واحد قد يعتبر بضم حلفه، كما في كنز العمال عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله (ص)، وأبا بكر، وعمر، وعثمان كانوا يقضون بشهادة الواحد واليمين. وفي (التلويح شرح التوضيح): أن النبي (ص) قضى بشهادة شاهد ويمين صاحب الحق.
وفي البخاري كتب ابن عباس أن النبي (ص) قضى باليمين على المدعى عليه. وفي مسلم عن ابن عباس أن رسول الله (ص) قضى بيمين وشاهد.
وفي منهاج السنة لابن تيمية: نعم يحكم في مثل ذلك بشهادة ويمين الطالب عند فقهاء الحجاز، وفقهاء أهل الحديث (6).