منها إنكار الأنصار، وبني هاشم، وعلي (ع) عن مبايعة أبي بكر.
ومنها: عدم استدلال أبي بكر بهذا الحديث يوم السقيفة.
منها: اتفاق أهل الجماعة على أن منصب الخلافة إجماعي لا نصي فإن كان هذا الحديث صحيحا عندهم احتجوا به، ولم يقولوا بالإجماع.
يا للعجب أنهم زعموا في مرض النبي (ص) أنه كيف يوحى وهو في حال يخاف أن يغمى عليه فيهذو، ويملي ما لا ينبغي، ونزهوا شأن أبي بكر عن مثل هذا حيث أراد في مرض موته أن يستخلف عمر، وهو مغمى عليه باليقين فأطاعوه فيما أراد، وكتبوا في حال إغمائه وما قالوا " حسبنا كتاب الله "، ولا نسبوه إلى أنه هجر أو يهذو، ولم ينازعوا عنده، كما روي في (كنز العمال) عن عثمان بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: لما حضرت أبا بكر الصديق الوفاة دعا عثمان بن عفان فأملى عليه عهده ثم أغمي على أبي بكر قبل أن يملي أحدا فكتب عثمان عمر ابن الخطاب فأفاق أبو بكر فقال لعثمان كتبت أحدا فقال ظننتك لما بك، وخشيت الفرقة فكتب عمر ابن الخطاب فقال: يرحمك الله أما لو كتبت نفسك لكنت لها أهلا - الحديث (1).
أقول: يا حسرة على الناس من قضية (القرطاس)، وما أدراك ما هذا القرطاس، هو الذي أفسد فيما بين الناس، وأوقعهم في الالتباس، وألقى في صدورهم الوسواس، بحيث لا يخلص منه العوام ولا الخواص، ولا يندفع هو حتى يلاقوا رب الناس. " نعوذ برب الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس ".
ولم يدر ابن الخطاب، حكمة الخطاب، فما أعجل بالجواب، واكتفى بالكتاب، بل جعل الكتاب جنته الجواب، فوالذي نفسي بيده فقد أخطأ، وما أصاب، أو لم يعلم أن العقل الأول، والنور الأكمل لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
ومنها: عدم استجابة النبي (ص) الواجب امتثاله، ولو في الصلاة. وفي عدم استجابته إيذاؤه وهو محرم أبدا، قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء في هذا الحديث (أي حديث يريبني ما يريبها، ويؤذيني ما آذاها). تحريم إيذاء النبي (ص) بكل حال، وعلى كل وجه، وإن تولد ذلك الإيذاء مما كان أصله مباحا (2).
في البخاري عن أبي سعيد بن المعلى قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله (ص) فلم أجبه، فقلت، يا رسول الله إني كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله " استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم " (3).
وفي (الخصائص الكبري) للسيوطي أخرج البخاري عن أبي سعيد أن النبي (ص) دعاه وهو يصلي: فصلى ثم أتاه فقال: ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك؟ قال: إني كنت أصلي. فقال: ألم يقل الله " يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم " (4).