منها: قول عمر (هجر) وهو عند الأكثر ثابت كما نقله الشيخ الدهلوي عند نقل مكتوبات المجدد الألف الثاني للشيخ أحمد الفاروقي: إن رجلا سأل الشيخ ما لفظه: ماذا كان قصد عمر عندما قال " الرجل يهجر "؟!
فقال: كان الفاروق يعتقد أن كلام حضرة النبي (ص) صدر بلا اختيار ولا قصد بسبب (الوجع).
ويؤيد قول عمر: " قد غلبه الوجع "، ومعناه ها هنا، ومعنى الهجر الهذيان كما ترجم شمس العلماء نذير أحمد الدهلوي قوله تعالى " هذا القرآن مهجورا ".
وكذا في (الصراح) وغيره: ومن يؤيده أيضا قول عمر " حسبنا كتاب الله "، وما جاء (في بعض الروايات) قالوا: هجر بصيغة الجمع فالمراد منه عمر، وأتباعه من الصحابة، والمغالطة أو المخالطة من الراوي.
ومنها: هذا القول (أي حسبنا كتاب الله) ليس بمحله لأنه سبحانه وتعالى قال " وأطيعوا الرسول " فأطلق إطاعة الرسول، ولم يقيده بحال من الصحة ونحوها.
وقال " من يطع الرسول فقد أطاع الله " فإن كانت طاعة الرسول، واتباعه مظانا للهذيانات في بعض الأوقات لم يكن إطاعة الله ولم يكن وحي يوحى، ولم تكن أسوة حسنة. ولأنه يرد عليه أن النبي (ص) لم يكن عالما بأن الكتاب الإلهي حسبهم مع أنه نزل عليه والذي آمن به بعد مدة أي السنة السادسة من النبوة، وكان شاغلا بصفقة الأسواق صار عالما وعارفا لشأن الكتاب العزيز ومعانيه وأغراضه. وقد ثبت أنه قال في خلافته: " لولا علي لهلك عمر "، وكم من مسألة قد سأل عليا، وقد أقر بعدم علمه في مسائل الكلالة، والربا، والتيمم، وميراث الجدة، وبعض الآيات مثل " إنك ميت " حتى مات رسول الله (ص)، وغيرها. فالعجب منه أنه كيف قال " حسبنا كتاب الله ".
ومنها: زجر عمر نساء النبي (ص) أمهات المؤمنين حيث قلن من وراء الستر: ألا تسمعون ما يقول رسول الله (ص) فزجرهن عمر بقوله إنكن صواحبات يوسف إذا مرض عصرتن أعينكن، وإذا صح ركبتن عنقه، فرد قوله رسول الله (ص) وقال " دعوهن فإنهن خير منكم " كما مر من الطبراني.
ومنها: قول عمر: حسبنا كتاب الله وتركه بحضرة النبي (ص) عترة النبي الموصى بهم بقوله " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي " فعلم أن عمر قد ترك ابتداء عترته (عليه السلام)، ورسخ في قلبه ما فعل بهم، وانتزع مودتهم من قلبه لأن اللسان ترجمان القلب، (وكل إناء بالذي فيه ينضح) وإن قيل: إن المخالفين لكتابة (القرطاس) ترحموا على حالة الشريف حال مرضه وضعفه. قلنا:
إنه مردود لأنهم قد تركوه كثيرا في أيدي الكفار، وفروا عنه مرارا، وذهبوا بأنفسهم، والنبي (ص) كان شفيقا عليهم، رفيقا بهم كل زمان، كما قال الله سبحانه " عزيز عليه ما عنتم " وقال عليه السلام: " شيبتني هود "، و " إذا الشمس كورت ". وما ترحموا على عترته المعصومين وهو عين ترحمه (عليه السلام) بل فعلوا بهم ما فعلوا، وآذوهم فآذوه وهو أعلم بحاله من الصحة والمرض ما به، وأعلم بحال أمته، وأشفق عليهم حيث قال " لا تضلوا " أو " لن تضلوا ".