اكتملت كتابا سويا أعتقد أنه تضمن أعز أفكاري، وأخلد آثاري، وأعظم ما أرجو به ثواب ربي، فإن خير ما يحتسبه المؤمن عند الله، هو ما ينفقه من الجهد الخاص في خدمة كتاب الله.
ولقد تهيأ لي بهذه الأوجه من النشاط العلمي أن أطل على العالم الإسلامي من نافذة مشرفة عالية وأن أعرف كثيرا من الحقائق التي كانت تحول بين المسلمين واجتماع الكلمة، وائتلاف القلوب على إخوة الإسلام، وأن أتعرف إلى كثير من ذوي الفكر والعلم في العالم الإسلامي، ثم تهيأ لي بعد ذلك وقد عهد إلي بمنصب مشيخة الأزهر أن صدرت فتواي في جواز التعبد على المذاهب الإسلامية الثابتة الأصول، المعروفة المصادر، المتبعة لسبيل المؤمنين، ومنها مذهب الشيعة الإمامية " الاثنا عشرية " وهي تلك الفتوى المسجلة بتوقيعنا في دار التقريب التي وزعت صورتها الزنكغرافية بمعرفتنا والتي كان لها ذلك الصدى البعيد في مختلف بلاد الأمة الإسلامية، وقرت بها عيون المؤمنين المخلصين الذين لا هدف لهم إلا الحق والألفة ومصلحة الأمة.
وظلت تتوارد على الأسئلة، والمشاورات، والمجادلات في شأنها، وأنا مؤمن بصحتها، ثابت على فكرتها، أؤيدها في الحين بعد الحين، فيما أبعث بها من رسائل للمستوضحين أو أرد به على شبه المعترضين، وفيما أنشر من مقال ينشر، أو حديث يذاع، أو بيان أدعو به إلى الوحدة والتماسك، والالتفات حول أصول الإسلام، ونسيان الضغائن والأحقاد، حتى أصبحت والحمد لله حقيقة مقررة، تجري بين المسلمين مجرى القضايا المسلمة بعد أن كان المرجفون في مختلف عهود الضعف الفكري،. والخلاف الطائفي، والنزاع السياسي يثيرون في موضوعها الشكوك والأوهام بالباطل.
وها هو ذا الأزهر الشريف ينزل على حكم المبدأ، مبدأ التقريب بين أرباب