القرآن الكريم، أمر واجب قطعا، فإذا كانت كتابة شئ إلى جنبه، ومعه، مؤدية إلى اختلاطه بغيره، لزم الاجتناب من هذه الكتابة أو النهي عنها، بالضرورة، لكن هذا النهي عن كتابة شئ إلى جنب القرآن، مقيد بقيدين أساسيين:
الأول: أن تكون كتابة ذلك الشئ إلى جنب القرآن ومعه، لا منفصلة عنه.
الثاني: أن تكون الكتابة موجبة ومؤدية إلى الاختلاط، لا متميزة.
وإذا فرض وجود هذين القيدين، كان النهي عن الكتابة واجبا على الشارع، مستمرا، غير قابل للتغيير حينئذ، لأن المحافظة على القرآن كذلك واجبة دائما.
فليس لأحد أن يسمح بكتابة ما يوجب الاختلاط في أي زمن، فكيف بصاحب الشرع والصادع بالوحي صلى الله عليه وآله وسلم!
وإذا كان النهي عن كتابة شئ دائرا مدار أحد القيدين السالفين، فمعنى ذلك انتفاء النهي إذا لم يكن هناك أحد هذين القيدين.
والحاصل أن النهي ليس مطلقا، ولا دائما، ولا عاما في الأزمان، بل:
1 - إذا كانت كتابة الحديث متميزة، بحيث يعرف النص القرآني منها عن غيره، لم يكن ثمة نهي، لعدم خوف الاختلاط، كما روي عن أبي سعيد الخدري قوله: ما كنا نكتب شيئا غير القرآن والتشهد (1).