لقد أثير سؤال في هذا المجال حاصله: أن إعجاز القرآن إذا كان يميزه عن السنة، لم تكن حاجة إلى كتابته (1).
وقد أجاب عن ذلك الدكتور عبد الغني عبد الخالق بقوله:
إعجاز القرآن إنما يدركه أساطين البلغاء من العرب أيام أن كانت بلاغة العرب في أوجها، وذلك في عصره صلى الله عليه وآله وسلم والأعصر القريبة منه.
فأما غير البلغاء منهم في هذه الأعصر - وهم الأكثرون - وجميع العرب، في ما بعد ذلك، وجميع الأعاجم والمستعربين، في جميع العصور، فلا يمكنهم تمييزه عن السنة، خصوصا إذا لاحظنا أن السنة القولية كلام أفصح العرب وأبلغهم، وأنها تكاد تقرب من درجة القرآن في البلاغة، ولا يستطيع أن يقف موقف المميز بينهما إلا من كان من فرسان البلاغة والبيان وممن يشار إليه بالبنان.
ولا يتمكن غير البلغاء - أيضا - من إدراك إعجاز القرآن بأنفسهم، وإنما يدركونه بواسطة عجز من تحداهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أساطين البلاغة وأمراء الفصاحة عن الإتيان بأقصر سورة منه، وإذا ما ثبت إعجازه ثبتت لهم رسالته صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا ثبتت رسالته ثبت صدقه في إخباره أن هذه السورة، أو هذه الآية أو هذه الكلمة أو هذا الحرف من القرآن، فبهذا الإخبار يتميز لجميع الأمة. القرآن من غيره.