وبأشخاص محصورين!
ونحن نعتقد أن أصل الإشكال فاسد، وكذا الجواب المذكور، وذلك للملاحظات التالية:
1 - إن هذه المقارنة بين القرآن والسنة في خصوص مسألة الإعجاز، إنما تخص السنة القولية - كما صرح به الكاتب المذكور - وهي إنما تمثل ثلث السنة النبوية، لأنها قول، وفعل، وتقرير، بإجماع المسلمين.
وأيضا: فالسنة القولية التي بأيدينا، والتي هي محل ابتلاء المسلمين إنما عمدتها تلك المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الفترة التالية من تاريخ الإسلام، بعد الصدر الأول، وخارج أطر مكة قبل الهجرة، وعندما استقر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين أنصاره وأصحابه المسلمين المؤمنين به إلى حد الفداء والتضحية، ومثل هؤلاء لم تكن عندهم مشكلة بعنوان إعجاز القرآن، بل كانوا يقدسون القرآن أعظم تقديس، عارفين بأسلوبه، مميزين لبهائه ونوره مقرين معترفين بإعجازه وتميزه عن سائر الكلام البشري، ولو كان كلام الصادع به نفسه، فلا يتخوف بالنسبة إليهم الاختلاط.
ثم، إن السنة القولية الصادرة من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليست كلها ملقاة باعتبارها من بليغ كلامه، بل الكثير من كلامه صلى الله عليه وآله وسلم يجري مجرى المعتاد من الكلام مما كان يحاور به الناس العاديين، في الظروف العادية، وحول الأمور العادية، وهو ليس بالقليل في السنة القولية.