لكن واحدا من كبار المحدثين، وأئمة الحديث وهو أحمد بن محمد ابن حنبل الشيباني صاحب المسند أبدى استيائه من ذلك، فقال:
لا أعلم لدفن الكتب معنى (1).
كما أن ابن الجوزي جعل، دفن كتب العلم، وإلقاءها في الماء من تلبيس إبليس على جماعة من القوم، وقال: قد كان جماعة منهم تشاغلوا بكتابة العلم، ثم لبس عليهم إبليس وقال: ما المقصود إلا العمل، ودفنوا كتبهم.
وأضاف: إن العلم نور، وإن إبليس يحسن للإنسان إطفاء النور، ليتمكن منه في الظلمة، ولا ظلمة كظلمة الجهل، ولما خاف إبليس أن يعاود هؤلاء مطالعة الكتب، فربما استدلوا بذلك على مكايده حسن لهم دفن الكتب وإتلافها.
وهذا فعل قبيح محظور وجهل بالمقصود بالكتب.
وقال: واعلم أن الصحابة ضبطت ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم... فإذا كانت الصحابة قد روت السنة، وتلقاها التابعون وسائر المحدثين، وقطعوا شرق الأرض وغربها لتحصيل كلمة من ههنا وكلمة من ههنا، وصححوا ما صح، وزيفوا ما لم يصح، وجرحوا الرواة وعدلوا، وهذبوا السنن وصنفوا.
ثم من يغسل ذلك، فيضيع التعب، ولا يعرف حكم الله في حادثة؟!
فما عوندت الشريعة بمثل هذا!