حاول الإخلاص في جمع كلمة المسلمين، من أراد فليرجع إلى تفسيره (1)، وله كلام في تفسير قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ". قال: والمعنى أن النور العظيم هو الحجاب الذي يحول بينه وبين خلقه وهو بقوته وعظمته ملتهب كالنار، ولذلك رأى موسى (عليه السلام) عند ابتداء الوحي نارا في شجرة توجه همه كله إليها فنودي الوحي من ورائها، وفي التوراة أن الجبل كان في وقت تكليم الرب لموسى (عليه السلام) وإيتائه الألواح مغطى بالسحاب.
ورأى النبي الخاتم الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة المعراج نورا من غير نار وربما كان هذا أعلى، ولكنه كان حجابا دون الرؤية أيضا، فقد سأله أبو ذر (رض) وقال: هل رأيت ربك؟ فقال: " نور، أنا أراه؟ " وفي رواية أخرى:
" رأيت نورا " ومعناها معا رأيت نورا منعني من رؤيته لا أنه تعالى نور، وأنه لذلك لا يرى، وهذا يتلاقى ويتفق مع قوله: " حجابه نور " ولذلك جعلنا أحاديث النور شاهدا واحدا في موضوعنا، وهي تدل على عدم رؤية ذات الله عز وجل وامتناعها (2).
السادس: إن القائلين بالرؤية على فرقتين، فرقة تعتمد على الأدلة العقلية دون السمعية، وفرقة أخرى على العكس.
فمن الأولى سيف الدين الآمدي (551 - 631) يقول: لسنا نعتمد في هذه المسألة على غير المسلك العقلي إذ ما سواه لا يخرج عن الظواهر السمعية وهي مما يتقاصر عن إفادات القطع واليقين، فلا يذكر إلا على سبيل التقريب (3).
ومن الثانية، الرازي في غير واحد من كتبه فقال: إن العمدة في جواز الرؤية