هذه مسألة رؤية الله، وهذه أقوال الأمة فيها، وهذا خلافهم الممتد من العصور الأولى إلى عصرنا هذا، وهي مسألة كلامية اختلفت فيها أنظار الباحثين ولكل دليله وبرهانه والثاني إنما ينفى لاستلزامه الجهة والتجسيم والتشبيه - مضافا إلى تضافر الآيات على نفيها بدلالات مختلفة، والمثبت إنما يثبتها اغترارا ببعض الظواهر والروايات الواردة في الصحاح. ولكن ليس لكل من الطائفتين تكفير الأخرى لأن النافي يستند إلى الدلائل المشرقة التي تقنع كل من نظر إليها بلا نظر مسبق وقول المثبت وإن كان يستلزم الجهة التجسيم، لكنه يقول بها مع التبري عن تواليها، متحصنا بقوله: " بلا كيف " فتكون المسألة مسألة كلامية كسائر المسائل الكلامية.
غير أن مفتي السعودية عبد العزيز بن باز غلا في الموضوع وذلك في الفتوى الصادرة في 8 / 1407 المرقم 717 / 2 جوابا على سؤال وجهه عبد الله بن عبد الرحمن يتعلق بجواز الاقتداء والائتمام بمن لا يعتقد بمسألة الرؤية في يوم القيامة فأفتى: بأن من ينكر رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة لا يصلى خلفه، وهو كافر عند أهل السنة والجماعة، وأضاف أنه قد بحث هذا الموضوع مع مفتي الأباضية في عمان: الشيخ أحمد الخليلي فاعترف بأنه لا يؤمن برؤية الله في الآخرة، ويعتقد أن القرآن مخلوق، واستدل لذلك بما ذكره ابن القيم في كتابه " حادي الأرواح " ذكر الطبري وغيره أنه قيل لمالك: إن قوما يزعمون أن الله لا يرى يوم القيامة فقال مالك - رحمه الله -: السيف السيف.
وقال أبو حاتم الرازي: قال أبو صالح كاتب الليث: أملى على عبد العزيز ابن سلمة الماجشون رسالة عما جحدت الجهمية فقال: لم يزل يملي لهم الشيطان حتى جحدوا قول الله تعالى: * (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) *.
وذكر ابن أبي حاتم عن الأوزاعي أنه قال: إني لأرجو أن يحجب الله عز