بعض المثبتين أشبه بالمهزلة، مع أن القائل يعد من المفسرين الكبار ويكال له بصاع كبير، وإن كنت في ريب مما قلنا فاستمع إلى قول الآلوسي:
قال: روى الدارقطني وغيره عن أنس من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):
رأيت ربي في أحسن صورة. ومن الناس من حملها على الرؤية المنامية، وإذا صح هذا الحمل فأنا ولله الحمد قد رأيت ربي مناما ثلاث مرات، وكانت المرة الثالثة عام 1246 رأيته جل شأنه وله من النور ما له متوجها جهة المشرق، وكلمني بكلمات أنسيتها حين استيقظت، ورأيت مرة في منام طويل كأني في الجنة بين يديه تعالى وبيني وبينه سترحبيك بلؤلؤ مختلف ألوانه، فأمر سبحانه أن يذهب بي إلى مقام عيسى (عليه السلام) ثم إلى مقام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فذهب بي إليها فرأيت ما رأيت ولله تعالى الفضل والمنة (1).
نحن لا نعلق على كلامه بشئ سوى أنها إما كانت أضغاث أحلام ليس لها مسحة من الحقيقة ولا لمسة من الواقع، أو أنها كانت صور تفكير الرجل في يومه ونهاره حول تلك المسألة العقائدية فخرج المخزون في نفسه إلى صفحات ذهنه في المنام.
أما آن للواعين من الأمة أن ينزهوا كتبهم من هذه الخرافات حتى لا يتخذها المادي الغاشم ذريعة للسخرية والتهكم على الدين وأهله.
الرابع: إن النافين للرؤية يركزون على الروايات المثبتة حسب ادعائهم ولكنهم لا يركزون على الروايات النافية، فإن هذه الروايات من غير فرق بين المثبتة والنافية وإن كانت روايات آحاد لا تفيد علما في مجال العقائد ولكن مقتضى الإنصاف الإدلاء بالرواية المخالفة أيضا، وإليك بعض ما ورد في هذا المضمار:
1 - روى البخاري في تفسير قوله: * (ومن دونهما جنتان) * عن عبد الله بن