شك في أن ما نفاه الله تعالى غير الذي أثبته فالإدراك غير الرؤية والحجة لقولنا قول الله تعالى (1).
يلاحظ عليه: أن الشبهة تعرب عن أن صاحبها لم يقف على كيفية الاستدلال بالآية على نفي الرؤية فزعم أن أساسه هو كون الإدراك في اللغة بمعنى الرؤية فرد عليه بأنه ليس بمعنى الرؤية بشهادة أنه سبحانه جمع في الآية بين إثبات الرؤية ونفي الدرك، ولكنه غفل عن أن مبدأ الاستدلال ليس ذلك وقد قلنا سابقا: إن الإدراك في اللغة بمعنى اللحوق والوصول وليس بمعنى الرؤية ابتداء، وإنما يتعين في النظر والرؤية حسب المتعلق، ولأجل ذلك لو جرد عن المتعلق - كما في الآية - لا يكون بمعنى الرؤية، ولذلك جمع فيها بين الرؤية ونفي الدرك، لأن الدرك هناك بحكم عدم المتعلق كالبصر بمعنى اللحوق والوصول فقد وقع التراءي بين الفريقين ورأى فرعون وأصحاب بني إسرائيل ولكن لم يدركوهم أي لم يلحقونهم.
وعلى ضوء ذلك إذا جرد عن المتعلق بمثل البصر والسمع يكون بمعنى اللحوق، وإذا اقترن بمتعلق مثل البصر يتعين في النظر والرؤية لكن على وجه الإطلاق من غير تقيد بالإحاطة.
فبطل قوله " بأن الإدراك يدل على معنى زائد على النظر وهو الإحاطة "، بل الإدراك مجردا عن القرينة لا يدل على الرؤية أبدا، ومع اقتران القرينة و وجود المتعلق يدل على الرؤية والنظر على وجه الإطلاق من غير نظر إلى الفرد الخاص منها أعني الرؤية.
وبذلك يظهر أن ما أطنب به الرازي في كلامه لا يرجع إلى شئ.