يناله غوض الفطن " (1).
فهل يحتمل الرازي في هذه الآيات والجمل سلب العموم وأنه سبحانه لا يحب جميع المعتدين والكافرين والظالمين ولكن يحب بعض المعتدين والكافرين والظالمين، أو أن بعض القائلين يبلغون مدحته، ويحصون نعماءه.
وهذا دليل على اتخاذ الرازي للموقف المسبق، ثم دراسة القرآن لأجل دعمه، وهو آفة لفهم الصحيح من الكتاب.
الشبهة الثالثة: الإدراك هو الإحاطة:
إن هذه الشبهة ذكرها ابن حزم في فصله، والرازي في مفاتيح الغيب، وابن قيم في كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح (2)، وقد أسهبوا الكلام في تطوير الشبهة ولا يسع المقام لنقل عباراتهم كلها وإنما نشير إلى المهم من كلماتهم.
وبما أن الأساس - لكلام هؤلاء - هو ابن حزم الظاهري نذكر نص كلامه أولا، قال: إن الإدراك في اللغة يفيد معنى زائد على النظر، وهو بمعنى الإحاطة وليس هذا المعنى في النظر والرؤية، فالإدراك (الإحاطة) فيض عن الله تعالى على كل حال في الدنيا والآخرة والدليل على ذلك قوله سبحانه: * (فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي سيهدين) * ففرق الله عز وجل بين الإدراك والرؤية فرقا جليا لأنه تعالى أثبت الرؤية بقوله:
* (فلما تراءا الجمعان) * وأخبر تعالى بأنه رأى بعضهم بعضا فصحت منهم الرؤية لبني إسرائيل، ولكن نفى الله الإدراك، بقول موسى (عليه السلام) لهم: * (كلا إن معي ربي سيهدين) * فأخبر تعالى أنه رأى أصحاب فرعون بني إسرائيل ولم يدركهم، ولا