وابن عباس وذلك من قبيل رواية الصحابي عن تابعي وهو نادر عزيز، وحدث عنه أيضا أسلم " مولى عمر " وتبيع " الحميري ابن امرأة كعب " وروى عنه عدة من التابعين كعطاء بن يسار وغيره مرسلا وقع له رواية في سنن أبي داود والترمذي والنسائي (1).
وعرفه الذهبي أيضا في بعض كتبه بأنه من أوعية العلم (2).
فقد وجد الحبر الماكر جوا ملائما لنشر الأساطير والقصص الوهمية وبذلك بث سمومه القاتلة بين الصحابة والتابعين وقد تبعوه وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
وقد تنبه إلى جسامة الخسارة التي أحدثها ذلك الحبر، لفيف من السابقين منهم ابن كثير في تفسيره حيث إنه بعد ما أورد طائفة من الأخبار في قصة ملكة سبأ مع سليمان قال: والأقرب في مثل هذه السياقات أنها متلقاة عن أهل الكتاب، مما وجد في صحفهم كروايات كعب ووهب سامحهما الله تعالى في ما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب مما كان وما لم يكن، ومما حرف وبدل وفسخ، وقد أغنانا الله سبحانه عن ذلك بما هو أصح منه وأنفع وأوضح وأبلغ (3).
والذي يدل على عمق مكره وخداعه لعقول المسلمين أنه ربما ينقل شيئا من العهدين، وفي الوقت ذاته نرى أن بعض الصحابة الذين تتلمذوا على يديه وأخذوا منه، ينسب نفس ما نقله إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، والذي يبرر ذلك العمل حسن ظنهم وثقتهم به، فحسبوا المنقول أمرا واقعيا فنسبوه إلى النبي زاعمين أنه إذا كان