" لعل تجديد الذكرى بالمواليد والوفيات، والجري على مراسم النهضات الدينية، أو الشعبية العامة، والحوادث العالمية الاجتماعية، وما يقع من الطوارق المهمة في الطوائف والأحياء، بعد سنيها، واتخاذ رأس كل سنة بتلكم المناسبات أعيادا وأفراحا، أو مآتما وأحزانا، وإقامة الحفل السار، أو التأبين، من الشعائر المطردة، والعادات الجارية منذ القدم، ودعمتها الطبيعة البشرية، وأسستها الفكرة الصالحة لدى الأمم الغابرة، عند كل أمة ونحلة، قبل الجاهلية وبعدها، وهلم جرا حتى اليوم.
هذه مراسم اليهود، والنصارى، والعرب، في أمسها ويومها، وفي الإسلام وقبله، سجلها التاريخ في صفحاته.
وكأن هذه السنة نزعة إنسانية، تنبعث من عوامل الحب والعاطفة، وتسقى من منابع الحياة، وتتفرع على أصول التبجيل والتجليل، والتقدير والإعجاب، لرجال الدين والدنيا، وأفذاذ الملأ، وعظماء الأمة إحياء لذكراهم، وتخليدا لاسمهم، وفيها فوائد تاريخية اجتماعية، ودروس أخلاقية ضافية راقية، لمستقبل الأجيال، وعظات وعبر، ودستور عملي ناجع للناشئة الجديدة، وتجارب واختبارات تولد حنكة الشعب، ولا تختص بجيل دون جيل، ولا بفئة دون أخرى.
وإنما الأيام تقتبس نورا وازدهارا، وتتوسم بالكرامة والعظمة، وتكتسب سعدا ونحسا، وتتخذ صبغة مما وقع فيها من الحوادث الهامة، وقوارع الدهر ونوازله... " (1).