والتدبيج المشتمل على التورية مثل كلمة " الأصفر " في " المحبوب الأصفر " بمعنى الذهب (1) في كلام الحريري (2) " فمذ اغبر العيش الأخضر وازور (3) المحبوب الأصفر اسود يومي الأبيض وابيض فودي (4) الأسود حتى رثى لي العدو الأزرق فيا حبذا الموت الأحمر ". فألفاظ " اغبر، الأخضر، الأبيض، الأسود، الأزرق والأحمر " كنايات لا توريات. وجمع الألوان لقصد التورية لا يقتضي أن يكون في كل لون تورية كما توهمه بعضهم.
ف " اخضرار العيش " كناية عن طيبه وسعته، و " اغبرار العيش " عن ضيقه ونقصانه، و " اسوداد اليوم " عن كثرة الهموم، و " ابيضاضه " عن السرور والفرح، كما أن " ابيضاض الفود " كناية عن ضعف بنيته من كثرة الهم، و " العدو الأزرق " كناية عن كل عدو لجوج، و " الموت الأحمر " كناية عن الموت الشاق أو القتل.
السادس: الملحق بالطباق، وهو اثنان:
ألف: الجمع بين معنيين يتعلق أحدهما بما يقابل الآخر نوع تعلق مثل السببية واللزوم، نحو (أشداء على الكفار رحماء بينهم) (5) فإن الرحمة وإن لم تكن مقابلة للشدة لكنها مسببة عن اللين الذي هو ضد الشدة.
ب: الجمع بين معنيين غير متقابلين عبر عنهما بلفظين يتقابل معناهما الحقيقيان، كالجمع بين الضحك والبكاء في هذا البيت:
لا تعجبي يا سلم من رجل * ضحك المشيب برأسه فبكى فإن للضحك معنيين: أحدهما حقيقي وهو المقابل للبكاء ولم يقصده الشاعر، وثانيهما المجازي وهو " ظهر " وقد قصده الشاعر. فالطباق والمقابلة في المعنى الحقيقي الذي لم يقصد لا المجازي الذي قصد، ولذا سمي " إيهام التضاد " لأن المعنيين قد ذكرا بلفظين يوهمان التضاد ظاهرا.