استعار لفظ " أسد " لرجل شجاع ثم ذكر للمستعار له وصف " شاك السلاح " وللمستعار منه وصف " له لبد أظفاره لم تقلم ". وصف الأول تجريد والثاني ترشيح.
و " الترشيح " أبلغ من " الإطلاق والتجريد " لاشتماله على تحقيق المبالغة وتناسي التشبيه وادعاء أن المستعار له نفس المستعار منه لا شيء شبيه به، كما في قوله:
ويصعد حتى يظن الجهول * بأن له حاجة في السماء استعار لفظ " الصعود " لعلو القدر والارتقاء في مدارج الكمال، ثم بنى عليه ما يبنى على علو المكان والارتقاء إلى السماء من ظن الجهول بأن له حاجة في السماء، وهذا الوصف ترشيح. وفي لفظ " الجهول " زيادة مبالغة في المدح لما فيه من الإشارة إلى أن هذا إنما يظنه الجهول، وأما العاقل فيعرف أنه لا حاجة له في السماء لاتصافه بسائر الكمالات، وكقوله:
لا تعجبوا من بلى (1) غلالته (2) * قد زر (3) أزراره (4) على القمر ادعى أن محبوبه ذات القمر لا شبيه به، واستدل لادعائه بأن غلالته التي من جنس الكتان قد بلى كما يبلى الثوب الكتان المقابل لشعاع القمر.
فقوله " لا تعجبوا من بلى غلالته " ترشيح ويدل على تناسي التشبيه.
وكقوله:
قامت تظللني ومن عجب * شمس تظللني من الشمس ادعى أن محبوبته التي قامت هي الشمس لا كالشمس، ثم ترتب عليه تعجبه من تظليل شمس من الشمس، وهذا يدل على تناسي التشبيه.