" الوضعية " لجواز أن تختلف مراتب لزوم الاجزاء للكل في " التضمن " ومراتب لزوم اللوازم للملزوم في " الالتزام ".
أما في " الالتزام " فلانه يجوز أن يكون للشيء لوازم متعددة بعضها أقرب إليه من بعض وأسرع انتقالا منه إليه لقلة الوسائط، فيمكن تأدية الملزوم بالألفاظ الموضوعة لهذه اللوازم المختلفة الدلالة عليه وضوحا وخفاءا كما يقال " زيد كثير الرماد " أو " مهزول الفصيل " أو " جبان الكلب ". وكذا يجوز أن يكون للازم ملزومات لزومها لبعضها أوضح منه لبعض الآخر، فيمكن تأدية اللازم بالألفاظ الموضوعة للملزومات المختلفة وضوحا وخفاءا كالحرارة فإن له ملزومات كالشمس والنار والحركة الشديدة، ولزوم الحرارة لبعض هذه الملزومات أوضح من لزومها لبعض الآخر.
وأما في " التضمن " فلأنه يجوز أن يكون المعنى جزءا من شيء وجزء الجزء من شيء آخر، فدلالة الشيء الذي ذلك المعنى جزء منه على ذلك المعنى أوضح من دلالة الشيء الذي ذلك المعنى جزء من جزئه، مثلا دلالة الحيوان على الجسم أوضح من دلالة الإنسان عليه، ودلالة الجدار على التراب أوضح من دلالة البيت عليه.
أما في " الوضعية " - أي الدلالة المطابقة - فلا يتحقق فيها " إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة " لأن السامع إن كان عالما بوضع الألفاظ لذلك المعنى لم يكن بعضها أوضح دلالة عليه من بعض، وإن لم يكن عالما بوضع الألفاظ لم يكن كل واحد من الألفاظ دالا عليه لتوقف الفهم على العلم بالوضع. فالواجب البحث في الدلالة " العقلية " لا سيما " الالتزام " فنقول:
شرط دلالة الالتزام أن يكون اللزوم ذهنيا، أي كون المعنى الخارجي بحيث يلزم من حصول الموضوع له في الذهن حصوله فيه إما على الفور كلزوم الزوجية للأربعة ولزوم البصر للعمى أو بعد التأمل في القرائن والوسائط كلزوم كثرة الرماد للكرم ولزوم الحدوث للعالم. فاللزوم الذهني هنا يشمل اللزوم الغير البين.