دون حلف، لأنه من دفع المال إلى مالكه، وإن كانت لتعيين البينة الصادقة منهما المشتبهة بغيرها فلا يمين أيضا، لأن المأخوذ بها مأخوذ بالبينة التي لا يمين معها، وإن كانت لتعيين من عليه اليمين كما نص عليه في خبر البصري، فأي وجه لوجوب إحلاف أحدهما حتى يلزم تعيينه بالقرعة.
اللهم إلا أن تكون القرعة لتقديم أحدهما على الآخر بعد الحصر فيهما تقديما لا ينافي توجه الدعوى عليه من الآخر، فيكون منكرا أو بحكم المنكر في خصوص توجه اليمين عليه فأشبه ذا اليد في تقديم قوله في الجملة مع سماع الدعوى عليه والزامه باليمين، وحينئذ فيصرف ظاهر قوله في بعض النصوص: صاحب الدابة وأولى بها وكونه له، بإرادة ذلك في مرحلة الظاهر دون الواقع بقرينة النص في قوله عليه السلام في خبر البصري " على أيهم يصير اليمين " تقديما للنص على الظاهر. وبمثل ذلك يمكن أن يجاب عن وجه احلاف من قدمت بينته، بأحد المرجحين كما في خبر أبي بصير المتقدم، بكون الترجيح موجبا لتقديم قوله، تقديما لا ينافي توجه اليمين عليه كالمنكر، لا موجبا لسقوط بينة الآخر عن الحجية بحيث يكون وجودها كالعدم.
توضيح ذلك: أن تزاحم البينتين موجب لتساقطهما بحسب القاعدة الأولية بمعنى كون المزاحمة تمنع الأخرى عن كونها ميزانا للفصل والقضاء فيجب الفصل حينئذ بميزان اليمين بعد حصر القضاء بها وبالبينة، وحينئذ إن اشتملت إحدى البينتين على المزية من الأعدلية أو الأكثرية فيحتمل أن تكون المزية موجبة لتقديم ما اشتمل عليها في كونه ميزانا للفصل أو تكون موجبة لتقديم قول صاحبها في توجه ميزان اليمين عليه، والقدر المتيقن منه هو الثاني، إذ ليس هنا ما بدل باطلاقه على الأخذ بذي المزية حتى يكون ظاهرا في جعله ميزانا، بل المستفاد تقديمه المجمل الدائر بين الاحتمالين