وإن كان بظاهره ينافي ما تقدم من (التذكرة): من اختصاصها بأحد الأسباب المتقدمة، إلا أن الجمع بينهما يقتضي حمل ما تقدم من (التذكرة) على الولاية بالمعنى الأخص التي هي من قبيل المنصب، وحمل غيره عليها بالمعنى الأعم التي مرجعها في الحقيقة إلى التولية والتفويض، ويمكن الجمع بحمل ما كان مسببا " عن أحد الأسباب الخمسة المتقدمة على الولاية بالكسر التي قد عرفت معناها: الإمارة المناسبة لكونها من المناصب، وغيره على الولاية، بالفتح، لتضمنها النصرة والمساعدة، وإلا فكثير من ذلك يعد من الحقوق التي تغاير الولاية بالمعنى الأخص.
وتنقسم أيضا " باعتبار إلى الاجبارية والاختيارية، وهما صفتان لمن له الولاية، دون من عليه، فمناط الاختيارية كونها بالنظر والاختيار كالوكيل ونحوه، والاجهارية كونها بالجعل والعنوانية، كما في الأب والجد، وإن أمكنه الخروج بما يوجب سقوطها عنه بكفر ونحوه، فإن ذلك لا ينافي صدق الاجبارية عليها، كالتزام الوكيل ونحوه بنذر وشبهه غير المنافي لصدق الاختيارية عليها. وهذا التقسيم لها باعتبار معناها الأعم، وعلى الاحتمال الآخر في الجمع: من اختصاص كل لفظ بمعناه، فالاجبارية صفة للولاية بالكسر والاختيارية صفة لها بالفتح.
وباعتبار عموم المولى عليه وخصوصه، وبالنسبة إلى عموم جهات التولية وخصوصها تنقسم أيضا ": إلى الولاية العامة والخاصة وعموم جهات الخاص وخصوصها، فولاية الحاكم عامة لكونها تعم أفراد الناس في أنفسهم وأموالهم بعد وجود سبب الولاية عليه، وولاية الأب خاصة على ولده الصغير، وإن عمت من حيث تعلقها بنفسه وماله، ومثله وصي الأب على صغار ولده، ولو اختصت الوصية بجهة خاصة من أمر الصغير، فهو ولي عليه بخصوصه في خصوص تلك الجهة التي ولي عليه فيها.