فإنهن أمهات المؤمنين، لقوله تعالى: " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم " (1) ويشاركن أمهات النسب في حرمة نكاحهن بالنص لا باطلاق الأمومة عليهن دون المحرمية، فلا يجوز عندنا النظر إليهن فيما يجوز النظر إلى المحارم، خلافا " لبعض من خالفنا على ما قيل فجوزوا النظر إليهن لاطلاق الأمومة عليهن، وهو مردود بالنهي عن التبرج، مضافا " إلى ما روته أم سلمة: " قالت كنت أنا وميمونة عند النبي صلى الله عليه وآله: فأقبل ابن أم مكتوم، فقال احتجبا عنه، فقلنا إنه أعمى، فقال النبي صلى الله عليه وآله: فعميا وإن أنتما؟ " (2) الخبر.
وليس كل من حرم نكاحها جاز النظر إليها كأخت الزوجة. اللهم إلا أن تدعى الملازمة بين تأبيد الحرمة والمحرمية، فلا ينقض بأخت الزوجة المحرمة، جمعا " لا تأبيدا ".
وفيه: إن الملازمة، لو سلمت كليتها، فإنما هي بين التحريم بأحد العناوين المتقدمة والمحرمية، لا مطلقا "، وقد عرفت أن حرمة نكاحهن بالنص لا باطلاق الأمومة عليهن، فقد استبان أن المراد أمومة الاجلال والكرامة، لا غير.
هذا ما وسعنا من تحرير مسائل هذا الباب على تشتت البال وتشويش الخيال، والله الهادي إلى الحق والموفق للصواب.