بلغة الفقيه - السيد محمد بحر العلوم - ج ٣ - الصفحة ١٩٧
بصورة الجزم من غير حاجة إلى ذكر المستند.
فتحصل مما ذكرنا أن المشهود به. إن كان من الأمور الواقعية جازت الشهادة عليها مطلقة ولم يفتقر قبولها إلى ذكر التفصيل، كالشهادة على الملكية أو الزوجية ونحوهما مما قامت السيرة القطعية المتلقاة خلفا " عن سلف إلى زمن المعصوم عليه السلام على قبولها مطلقة في أمثال ذلك من غير استفصال منه على أسبابها.
وإن كان من غيرها، فإن كان هناك أصل موضوعي فكذلك، وإلا فلا بد من التفصيل، فيقبل منه ما كان معتقده اجتهادا " أو تقليدا موافقا " لمعتقد الحاكم، ولا يقبل؟ ما كان مخالفا " له.
نعم غير بعيد استثناء صورة ما لو علم الحاكم موافقته لمذهبه وكان واثقا " به، فيقبلها عنده، مطلقة غير منفصلة، كما استثناها بعض، إلا أنه خلاف إطلاقهم المنع عن قبولها مطلقة، فالرضاع مما لا تقبل الشهادة فيه مطلقة. وكذا الشهادة على النجاسة، فإنها أيضا " مما اختلفت فيها الأقوال فإن العصير مثلا طاهر عند واحد، ونجس عند آخر (1).
وكذا الكر، فإنه أيضا " ليس من الأمور الواقعية، بل يختلف باختلاف آراء المجتهدين: فرب مقدار من الماء هو كر عند بعض، وليس بكر عند آخر (2) فالشهادة في أمثال ذلك لا تقبل مطلقة.

(1) العصير العنبي إذا غلا واشتد بنفسه أو بالواسطة ولم يذهب ثلثاه اختلفوا في نجاسته بعد اتفاقهم على حرمته إذا أسكر كالمسكرات عموما " فالمشهور ألحقوا النجاسة بالحرمة، وغيره فرقوا بينهما حتى في الخمر وعامة المسكرات فقالوا بالحرمة لا النجاسة عن الموسوعات الفقهية في أحكام النجاسات.
(2) اختلف الفقهاء في مقدار الكر الوارد في لسان الأخبار، الذي به يعصم الماء المطلق من الانفعال بالنجاسة: على أقوال شتى، فقيل هو ما بلغ مكسر مساحته (27 شبرا ")، وقيل (26 شبرا ")، وقيل ثلاثة وأربعين شبرا " إلا ثمن الشبر، وقيل غير ذلك عن الموسوعات الفقهية وكتب الأخبار في أوائل كتاب الطهارة
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست